الثاني عشر [1] : إن قول القائل : " إن النصارى كفروا بأن قالوا : القدماء ثلاثة والأشاعرة أثبتوا قدماء تسعة " كلام باطل ، فإن [2] الله لم يكفر النصارى بقولهم : القدماء ثلاثة ، بل قال تعالى : [ ص: 495 ] لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام [ سورة المائدة : 73 - 75 ] ، فقد بين سبحانه أنهم كفروا بقولهم : إن الله ثالث ثلاثة [3] ، لقوله : بعد ذلك : وما من إله إلا إله واحد ولم يقل : ما من قديم إلا قديم واحد ، ثم أتبع ذلك بذكر حال المسيح وأمه لأنهما [4] هما الآخران اللذان [5] اتخذوهما إلهين ، كما بين [6] ذلك في الآية [7] الأخرى بقوله : وإذ قال الله ياعيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله [ سورة المائدة : 116 ] ، فهذه الآية موافقة لسياق تلك الآية ، وفي ذلك بيان أن الذين قالوا : إن الله ثالث ثلاثة قالوا : إنه ثالث ثلاثة آلهة : هو ، والمسيح ، وأم المسيح ، ، وإن كان [ المعنى ] وليس في القرآن ذكر قدماء ثلاثة ولا صفات ثلاثة ، بل ليس في الكتاب ولا في السنة ذكر القديم في أسماء الله تعالى [8] صحيحا ، لكن المقصود [ هنا ] [9] بيان [ أن ] ما ذكروه لم يكفر [ الله تعالى ] النصارى [ به ] [10] .