ثم [1] نقول : ثانيا : الجواب عن هذه الآية حق من وجوه : الأول : أنا نطالبه بصحة هذا النقل ، أو لا يذكر [2] هذا الحديث على وجه تقوم به الحجة ; فإن مجرد عزوه إلى تفسير  الثعلبي  ، أو [3] نقل الإجماع على ذلك من غير العالمين بالمنقولات ، الصادقين في نقلها ، ليس بحجة باتفاق أهل العلم ، إن [4] لم نعرف ثبوت إسناده ، وكذلك إذا روى فضيلة  لأبي بكر   وعمر  ، لم يجز اعتقاد ثبوت ذلك بمجرد ثبوت روايته باتفاق أهل العلم . 
 [ ص: 11 ] فالجمهور - أهل السنة - لا يثبتون بمثل هذا شيئا يريدون إثباته : لا حكما ، ولا فضيلة ، ولا غير ذلك . وكذلك الشيعة   . 
وإذا كان هذا بمجرده ليس بحجة باتفاق [ الطوائف ] كلها [5] ، بطل الاحتجاج به . وهكذا القول في كل ما نقله وعزاه إلى أبي نعيم  أو  الثعلبي  أو النقاش  أو ابن المغازلي  [6] ونحوهم . 
الثاني : قوله : " قد أجمعوا أنها نزلت في  علي   " من أعظم الدعاوى الكاذبة ، بل أجمع أهل العلم بالنقل على أنها لم تنزل في  علي  بخصوصه ، وأن  عليا  لم يتصدق بخاتمه في الصلاة ، وأجمع أهل العلم بالحديث على أن القصة [7] المروية في ذلك من الكذب الموضوع . [8] 
 [ ص: 12 ] وأما ما نقله [9] من تفسير  الثعلبي  ، فقد أجمع أهل العلم بالحديث أن  الثعلبي  يروي [10] طائفة من الأحاديث الموضوعات ، كالحديث الذي يرويه في أول كل سورة عن أبي أمامة  في فضل تلك السورة ، وكأمثال ذلك . ولهذا يقولون : " هو كحاطب ليل " . 
وهكذا  الواحدي  تلميذه ، وأمثالهما من المفسرين : ينقلون الصحيح والضعيف . 
ولهذا لما كان  البغوي  عالما بالحديث ، أعلم به من  الثعلبي   والواحدي  ، وكان تفسيره مختصر تفسير  الثعلبي  ، لم يذكر في تفسيره شيئا من الأحاديث الموضوعة التي يرويها  الثعلبي  ، ولا ذكر تفاسير أهل البدع التي ذكرها [11]  الثعلبي  ، مع أن  الثعلبي  فيه خير ودين ، لكنه لا خبرة له بالصحيح من الأحاديث ، [12] ولا يميز بين السنة والبدعة في كثير من الأقوال [13]  . 
 [ ص: 13 ] وأما أهل العلم الكبار : أهل التفسير ، مثل تفسير  محمد بن جرير الطبري  ،  وبقي بن مخلد  ،  وابن أبي حاتم  ،  وابن المنذر  ، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم  ، وأمثالهم - فلم يذكروا فيها [14] مثل هذه الموضوعات . 
دع من هو أعلم منهم ، مثل تفسير  أحمد بن حنبل  ،  وإسحاق بن راهويه   . بل [15] ولا يذكر مثل هذا [16] عند ابن حميد  ولا عبد الرزاق  [17] ، مع أن عبد الرزاق  كان يميل إلى التشيع ، ويروي كثيرا من فضائل  علي  ، وإن كانت ضعيفة ; لكنه أجل قدرا من أن يروي مثل هذا الكذب الظاهر . 
وقد أجمع أهل العلم بالحديث إلى أنه لا يجوز الاستدلال بمجرد خبر يرويه الواحد ، من جنس  الثعلبي  والنقاش   والواحدي  ،  وأمثال هؤلاء المفسرين ; لكثرة ما يروونه [18] من الحديث ويكون ضعيفا ، بل موضوعا . فنحن لو لم نعلم كذب هؤلاء من وجوه أخرى ، لم يجز أن نعتمد عليه ; لكون  الثعلبي  وأمثاله رووه ، فكيف إذا كنا عالمين بأنه كذب ؟ ! . 
وسنذكر - إن شاء الله تعالى - ما يبين كذبه عقلا ونقلا ، وإنما المقصود هنا  [ ص: 14 ] بيان افتراء هذا المصنف أو كثرة [19] جهله ، حيث قال : " * قد أجمعوا أنها نزلت في  علي   " فيا ليت شعري من نقل هذا الإجماع من أهل العلم والعالمين بالإجماع في مثل هذه الأمور ؟ * [20]  . فإن نقل الإجماع في مثل هذا لا يقبل من غير أهل العلم بالمنقولات ، وما فيها من إجماع واختلاف . 
فالمتكلم والمفسر والمؤرخ ونحوهم ، لو ادعى أحدهم نقلا مجردا بلا إسناد ثابت لم يعتمد عليه ، فكيف إذا ادعى إجماعا  ؟ ! . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					