[ ص: 254 ] فصل 
قال الرافضي  [1]  : " البرهان الثاني والثلاثون : قوله تعالى : ( يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه   ) [ سورة التحريم : 8 ] . روى [2] أبو نعيم  مرفوعا إلى  ابن عباس  قال : أول من يكسى [3] من حلل الجنة : إبراهيم   - عليه السلام - بخلته من الله [4] ، ومحمد   - صلى الله عليه وسلم - ; لأنه صفوة الله ، ثم  علي  يزف بينهما إلى الجنان ، ثم قرأ  ابن عباس   : ( يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه   ) قال :  علي  وأصحابه . وهذا يدل على أنه أفضل من غيره ، فيكون هو الإمام  " . 
والجواب من وجوه : أحدها : المطالبة بصحة النقل [5] ، لا سيما في مثل هذا الذي لا أصل له . 
 [ ص: 255 ] الثاني : أن هذا كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث [6]  . 
الثالث : أن هذا باطل قطعا ; لأن هذا يقتضي [7] أن يكون  علي  أفضل من إبراهيم  ومحمد   ; لأنه وسط وهما طرفان . وأفضل الخلق  إبراهيم  ومحمد  ، فمن فضل عليهما  عليا  كان أكفر من اليهود  والنصارى   . 
الرابع : أنه قد ثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم   " [8]  . وليس فيه ذكر محمد  ولا  علي   . وتقديم إبراهيم  بالكسوة لا يقتضي أنه أفضل من محمد  مطلقا [9] ، كما أن قوله : " إن الناس يصعقون يوم القيامة ، فأكون أول من يفيق ، فأجد [10] موسى  باطشا [11] بالعرش ، فلا أدري هل استفاق قبلي أم كان من الذين استثنى الله  " [12] ،  [ ص: 256 ] فتجويز [13] أن يكون سبقه في الإفاقة أو لم يصعق [14] بحال - لا يمنعنا [15] أن نعلم أن محمدا  أفضل من موسى   . 
ولكن إذا كان التفضيل على وجه الغض من المفضول في النقص له نهي عن ذلك ، كما نهى في هذا الحديث عن تفضيله على موسى  ، وكما قال لمن قال : يا خير البرية . قال : " ذاك إبراهيم   " [16] وصح قوله : " أنا سيد ولد آدم  ولا فخر ، آدم  فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة ولا فخر  " [17]  . 
 [ ص: 257 ] وكذلك الكلام في تفضيل الصحابة  يتقى فيه نقص أحد عن رتبته أو الغض من [18] درجته ، أو دخول الهوى والفرية في ذلك ، كما فعلت الرافضة  والنواصب  الذين يبخسون بعض الصحابة حقوقهم . 
الخامس : أن قوله تعالى : ( يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير   ) [ سورة التحريم : 8 ] وقوله : ( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم   ) [ سورة الحديد : 12 ] نص عام في المؤمنين الذين مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وسياق الكلام يدل على عمومه ، والآثار المروية في ذلك تدل على عمومه . 
قال  ابن عباس   : ليس أحد من المسلمين إلا يعطى نورا يوم القيامة ; فأما المنافق فيطفأ [ نوره ] يوم القيامة [19] ، والمؤمن يشفق مما يرى [20] من إطفاء نور المنافق [21] ، فهو يقول : ربنا أتمم لنا نورنا [22] ، فإن العموم [23] في ذلك  [ ص: 258 ] يعلم قطعا ويقينا ، وأنه لم يرد به شخص واحد ، فكيف يجوز أن يقال : إنه على وحده ، ولو أن قائلا قال في كل ما جعلوه  عليا  أنه  أبو بكر  أو  عمر  أو  عثمان  [24] أي فرق كان بين هؤلاء وهؤلاء إلا محض الدعوى والافتراء [25] ؟ بل يمكن ذكر شبه لمن يدعي اختصاص ذلك  بأبي بكر   وعمر  أعظم من شبه الرافضة  التي تدعي اختصاص ذلك  بعلي   . وحينئذ فدخول  علي  في هذه الآية كدخول الثلاثة ، بل هم أحق بالدخول فيها ، فلم يثبت بها أفضليته ولا إمامته [26]  . 
				
						
						
