فصل
قال الرافضي [1] : " ، قال وأما النحو فهو واضعه لأبي [ ص: 529 ] الأسود [2] : الكلام كله ثلاثة أشياء : اسم ، وفعل ، وحرف ، وعلمه [3] وجوه الإعراب .
والجواب : أن يقال : أولا : هذا ليس من علوم النبوة ، وإنما هو علم مستنبط ، وهو وسيلة في حفظ قوانين اللسان الذي نزل به القرآن ، ولم يكن في زمن الخلفاء الثلاثة لحن [4] ، فلم يحتج إليه ، فلما سكن علي الكوفة ، وبها الأنباط روي أنه قال لأبي الأسود الدؤلي : " الكلام : اسم ، وفعل ، وحرف " ، وقال : " انح هذا النحو " ، ففعل هذا للحاجة ، كما أن من بعد أيضا استخرج للخط النقط والشكل ، وعلامة المد والشد علي [5] ، ونحوه للحاجة ، ثم بعد ذلك بسط النحو نحاة الكوفة والبصرة ، والخليل استخرج علم العروض .
فصل
قال الرافضي [6] : " إليه وفي الفقه الفقهاء يرجعون [7] " .
والجواب : [8] - من يرجع إليه في فقهه ، أما أن هذا كذب بين ، فليس في الأئمة الأربعة - ولا غيرهم من أئمة الفقهاء ، فإن علمه عن [ ص: 530 ] أهل مالك المدينة ، وأهل المدينة لا يكادون يأخذون بقول ، بل أخذوا فقههم عن الفقهاء السبعة عن علي زيد ، ، وعمر ، ونحوهم . وابن عمر
أما فإنه تفقه أولا على المكيين أصحاب الشافعي ، ابن جريج كسعيد بن سالم القداح ، ومسلم بن خالد الزنجي . أخذ ذلك عن أصحاب وابن جريج ، ، ابن عباس كعطاء وغيره ، كان مجتهدا مستقلا ، وكان إذا أفتى بقول الصحابة أفتى بقول وابن عباس أبي بكر لا بقول وعمر ، وكان ينكر على علي أشياء . علي
ثم إن أخذ عن الشافعي ، ثم كتب كتب أهل مالك العراق ، وأخذ مذاهب [9] أهل الحديث ، واختار لنفسه .
وأما فشيخه الذي اختص به أبو حنيفة ، حماد بن أبي سليمان وحماد عن إبراهيم ، وإبراهيم عن علقمة ، وعلقمة عن ، وقد أخذ ابن مسعود عن أبو حنيفة عطاء ، وغيره .
وأما فكان على مذهب أهل الحديث ، أخذ عن الإمام أحمد ، ابن عيينة عن وابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، ابن عباس ، وأخذ عن وابن عمر هشام بن بشير ، وهشام عن أصحاب الحسن ، وأخذ عن وإبراهيم النخعي ، عبد الرحمن بن مهدي وأمثالهما ، وجالس ووكيع بن الجراح ، وأخذ عن الشافعي ، واختار لنفسه قولا ، وكذلك أبي يوسف ، إسحاق بن راهويه وأبو عبيد [10] ونحوهم .
[ ص: 531 ] والأوزاعي أكثر فقههما عن أهل والليث المدينة ، وأمثالهم ، لا عن الكوفيين .
فصل
قال الرافضي [11] : " أما المالكية فأخذوا علمهم عنه وعن أولاده " [12] .
والجواب : أن هذا كذب ظاهر ، فهذا موطأ ليس فيه عنه ولا عن ( أحد ) مالك [13] أولاده إلا قليل جدا ، وجمهور ما فيه عن غيرهم ، فيه عن جعفر تسعة أحاديث ، ولم يرو عن أحد من ذريته إلا عن مالك جعفر ، وكذلك الأحاديث التي في الصحاح ، والسنن ، والمساند منها قليل عن ولده ، وجمهور ما فيها عن غيرهم .
فصل
قال الرافضي [14] : " وأما فقرأ على الصادق أبو حنيفة [15] " .
[ ص: 532 ] والجواب : أن هذا من الكذب الذي يعرفه [16] من له أدنى علم ، فإن من أقران أبا حنيفة ، توفي جعفر الصادق الصادق سنة ثمان وأربعين ، وتوفي سنة خمسين ومائة ، وكان أبو حنيفة يفتي في حياة أبو حنيفة أبي جعفر والد الصادق ، وما يعرف أن أخذ عن أبا حنيفة ، ولا عن أبيه مسألة واحدة ، بل أخذ عمن كان أسن منهما جعفر الصادق كعطاء بن أبي رباح ، وشيخه الأصلي حماد بن أبي سليمان [17] ، كان وجعفر بن محمد بالمدينة [18] .
فصل .
قال الرافضي [19] : " وأما فقرأ على الشافعي " . محمد بن الحسن
والجواب : أن هذا ليس كذلك ، بل جالسه وعرف طريقته [20] وناظره ، وأول من أظهر الخلاف لمحمد بن الحسن ، والرد عليه ( هو ) الشافعي [21] ، [ ص: 533 ] فإن أظهر الرد على مالك وأهل محمد بن الحسن المدينة ، وهو أول من عرف منه [22] رد على مخالفيه [23] ، فنظر [24] في كلامه ، وانتصر لما تبين له أنه الحق من قول أهل الشافعي المدينة ، وكان انتصاره في الغالب لمذهب أهل الحجاز وأهل الحديث .
ثم إن صنف كتابا تعرض فيه بالرد على عيسى بن أبان ، فصنف الشافعي ابن سريج كتابا في الرد على . عيسى بن أبان
وكذلك لم يقرأ على أحمد بن حنبل لكن جالسه ، كما جالس الشافعي الشافعي ، واستفاد كل منهما من صاحبه . محمد بن الحسن
وكان الشافعي يتفقان في أصولهما ، أكثر من اتفاق وأحمد الشافعي ، وكان ومحمد بن الحسن أسن من الشافعي ببضع عشرة سنة . أحمد
وكان قدم الشافعي بغداد أولا سنة بضع وثمانين في حياة بعد موت محمد بن الحسن ، ثم قدمها ثانية سنة بضع وتسعين ، وفي هذه القدمة اجتمع به أبي يوسف . أحمد
وبالجملة فهؤلاء الأئمة الأربعة ليس فيهم من أخذ عن جعفر شيئا من قواعد الفقه ، لكن رووا عنه أحاديث ، كما رووا عن غيره ، وأحاديث غيره أضعاف أحاديثه ، وليس بين حديث وحديثه نسبة ، لا في القوة ولا في الكثرة . الزهري
وقد استراب في بعض حديثه لما بلغه عن البخاري فيه كلام ، فلم يخرج له . ولم يكذب على أحد ما كذب على يحيى بن سعيد [ ص: 534 ] القطان - مع براءته - كما كذب عليه ، فنسب إليه علم البطاقة ، والهفت ، والجدول ، واختلاج الأعضاء ، ومنافع القرآن ، والكلام على الحوادث ، وأنواع من الإشارات جعفر الصادق [25] في تفسير القرآن ، وتفسير قراءة السورة في المنام ، وكل ذلك كذب عليه .
وأيضا فجعفر الصادق أخذ عن أبيه وعن غيره ، كما قدمنا .
وكذلك أبوه أخذ عن وغيره ، وكذلك علي بن الحسين ( * أخذ العلم عن غير علي بن الحسين أكثر مما أخذ عن الحسين ، فإن الحسين * ) الحسين [26] قتل سنة إحدى وستين ، وعلي صغير فلما رجع إلى المدينة أخذ عن علماء أهل المدينة ، فإن أخذ عن أمهات المؤمنين علي بن الحسين ، عائشة ، وأم سلمة ، وأخذ عن وصفية ، ابن عباس ، والمسور بن مخرمة صلى الله عليه وسلم ، وأبي رافع مولى النبي ، ومروان بن الحكم ، وغيرهم . وسعيد بن المسيب
وكذلك كان يأخذ عن أبيه ، وغيره حتى أخذ عن التابعين ، وهذا من علمه ودينه رضي الله عنه . الحسن
وأما ثناء العلماء على ومناقبه فكثيرة ، وقال علي بن الحسين : لم أدرك الزهري بالمدينة أفضل من ، وقال علي بن الحسين : هو أفضل هاشمي رأيته يحيى بن سعيد الأنصاري بالمدينة ، وقال : سمعت عن حماد بن زيد - وكان أفضل هاشمي أدركته - يقول : " أيها [ ص: 535 ] الناس أحبونا حب الإسلام ، فما برح بنا حبكم حتى صار علينا عارا " . ذكره علي بن الحسين محمد بن سعد في " الطبقات " [27] .
أنبأنا عارم بن الفضل ، أنبأنا حماد [28] .
ثم قال ابن سعد [29] : " قالوا : وكان ثقة مأمونا كثير الحديث عاليا رفيعا علي بن الحسين [30] ، وروى [31] " عن شيبة بن نعامة ، قال : كان يبخل ، فلما مات وجدوه يقوت علي بن الحسين [32] أهل مائة بيت [33] بالمدينة في السر " .
فصل
قال الرافضي [34] : " قرأ على ومالك ربيعة ، وربيعة على عكرمة ، وعكرمة على ، ابن عباس تلميذ وابن عباس " علي [35] .
والجواب : أن هذا من الكذب ، فإن ربيعة لم يأخذ عن عكرمة شيئا ، [ ص: 536 ] بل ولا ذكر عن مالك عكرمة [36] في كتبه إلا أثرا أو أثرين ، ولا ذكر اسم عكرمة في كتبه أصلا ; لأنه بلغه عن ابن عمر أنهما تكلما فيه فتركه لذلك . وابن المسيب
وكذلك لم يخرج له ، ولكن مسلم ربيعة أخذ عن ، وأمثاله من فقهاء أهل سعيد بن المسيب المدينة ، وسعيد كان يرجع علمه إلى ، وكان قد أخذ عن عمر زيد بن ثابت ، وتتبع قضايا وأبي هريرة من أصحابه ، وكان عمر يسأله عنها . ابن عمر
ولهذا يقال : إن موطأ أخذت أصوله مالك [37] عن ربيعة ، عن ، عن سعيد بن المسيب ، وقال عمر الرشيد : قد أكثرت في موطئك عن لمالك ، وأقللت عن ابن عمر ، فقال : " كان أورع الرجلين يا أمير المؤمنين " فهذا موطأ ابن عباس يبين أن ما ذكره عن مالك من أظهر الكذب . مالك
وقوله : " تلميذ ابن عباس " كلام باطل ، فإن رواية علي عن ابن عباس قليلة ، وغالب أخذه عن علي ، عمر ، وزيد بن ثابت ، وغيرهم من الصحابة ، وكان يفتي بقول وأبي هريرة أبي بكر ، ونازع وعمر في مسائل ، مثل ما أخرج عليا في صحيحه ، قال : " البخاري بقوم زنادقة فحرقهم ، فبلغ ذلك علي ، فقال : أما لو كنت لم أحرقهم ، لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعذب بعذاب الله ، ولقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من بدل دينه فاقتلوه ابن عباس [38] " فبلغ ذلك ، فقال : ويح عليا ، ما أسقطه على الهنات ! ابن عباس أتي