الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  [ ص: 5 ] ( فصل )

                  قال الرافضي [1] . : " وأما علم الكلام فهو أصله ، ومن خطبه تعلم [2] الناس ، وكل [3] الناس تلاميذه " .

                  والجواب : أن هذا الكلام كذب لا مدح فيه ; فإن الكلام المخالف للكتاب والسنة باطل ، وقد نزه الله عليا عنه ، ولم يكن في الصحابة والتابعين أحد يستدل على حدوث العالم بحدوث الأجسام ، ويثبت حدوث الأجسام بدليل الأعراض والحركة والسكون ، والأجسام مستلزمة لذلك لا تنفك عنه ، وما لا يسبق الحوادث فهو حادث ، ويبنى ذلك على حوادث لا أول لها .

                  بل أول ما ظهر هذا الكلام في الإسلام بعد المائة الأولى ، من جهة الجعد بن درهم ، والجهم بن صفوان ، ثم صار إلى أصحاب عمرو بن عبيد ، كأبي الهذيل العلاف وأمثاله .

                  وعمرو بن عبيد ، وواصل بن عطاء إنما كانا يظهران الكلام في إنفاذ الوعيد ، وأن النار لا يخرج منها من دخلها ، وفي التكذيب بالقدر ، وهذا كله مما نزه الله عنه [4] عليا .

                  [ ص: 6 ] وليس في الخطب الثابتة عن علي شيء من أصول المعتزلة الخمسة ، بل كل ذلك إذا نقل عنه فهو كذب عليه . وقدماء المعتزلة لم يكونوا يعظمون عليا ، بل كان فيهم من يشك في عدالته ، ويقول : قد فسق عند إحدى [5] الطائفتين لا بعينها : إما علي ، وإما طلحة والزبير ، فإذا شهد أحدهما لم أقبل شهادته ، وفي قبول شهادة علي منفردة قولان لهم . وهذا معروف عن عمرو بن عبيد وأمثاله من المعتزلة [6] .

                  والشيعة القدماء كلهم كالهشامين [7] وغيرهما ، يثبتون الصفات ، ويقرون بالقدر ، على خلاف قول متأخري الشيعة ، بل يصرحون بالتجسيم ، ويحكى عنهم فيه شناعات ، وهم يدعون أنهم أخذوا ذلك عن أهل البيت [8] .

                  [ ص: 7 ] وقد ثبت عن جعفر الصادق أنه سئل عن القرآن : أخالق هو أم مخلوق ؟ فقال : ليس بخالق ولا مخلوق ، لكنه كلام الله .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية