فصل 
إذ تبين هذا ، فما ذكره من فضائله ، التي هي عند الله فضائل ، فهي حق . لكن للثلاثة ما هو أكمل منها . 
وأما ما ذكره من الفضيلة بالقرابة ، فعنه أجوبة : 
أحدها : أن هذا ليس هو عند الله فضيلة ، فلا عبرة به ; فإن  العباس  أقرب منه نسبا ،  وحمزة  من السابقين الأولين من المهاجرين  ، وقد روي أنه " سيد الشهداء  " [1] ، وهو أقرب نسبا منه . 
وللنبي - صلى الله عليه وسلم - من بني العم عدد كثير ، كجعفر  ،  وعقيل  وعبد الله  [2] ، وعبيد الله  ، والفضل  وغيرهم من بني العباس   . وكربيعة  ،  وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب   . 
 [ ص: 245 ] وليس هؤلاء أفضل من أهل بدر   ، ولا من أهل بيعة الرضوان  ، ولا من السابقين الأولين ، إلا من تقدم بسابقته ،  كحمزة  وجعفر   ; فإن هذين - رضي الله عنهما - من السابقين الأولين . وكذلك  عبيدة بن الحارث  الذي استشهد يوم بدر   . 
وحينئذ فما ذكره من فضائل  فاطمة   والحسن   والحسين   لا حجة فيه ، مع أن هؤلاء لهم من الفضائل الصحيحة ما لم يذكره هذا المصنف ، ولكن ذكر ما هو كذب ، كالحديث الذي رواه أخطب [3] خوارزم   : أنه لما تزوج  علي   بفاطمة  ، زوجه الله إياها من فوق سبع سماوات ، وكان الخاطب جبريل  ، وكان إسرافيل  وميكائيل  في سبعين ألفا من الملائكة شهودا . 
وهذا الحديث كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث . 
وكذلك الحديث الذي ذكره عن  حذيفة   . 
الثاني : أن يقال : إن كان إيمان الأقارب فضيلة ،  فأبو بكر  متقدم في هذه الفضيلة ; فإن أباه آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - باتفاق الناس ، وأبو طالب  لم يؤمن . وكذلك أمه آمنت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأولاده ، وأولاد أولاده ، وليس هذا لأحد من الصحابة غيره . فليس في أقارب  أبي بكر   - ذرية أبي قحافة   - لا من الرجال ولا من النساء إلا من قد آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم   . 
وقد تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - بنته ، وكانت أحب أزواجه إليه . وهذا أمر لم يشركه فيه أحد من الصحابة إلا  عمر  ، ولكن لم تكن  حفصة   [ ص: 246 ] ابنته بمنزلة  عائشة  ، بل  حفصة  طلقها ثم راجعها ،  وعائشة  كان يقسم لها ليلتين ، لما وهبتها  سودة  ليلتها . 
ومصاهرة  أبي بكر  للنبي - صلى الله عليه وسلم - كانت على وجه لا يشاركه فيه أحد ، وأما مصاهرة  علي  فقد شركه فيها  عثمان  ، وزوجه النبي - صلى الله عليه وسلم - بنتا بعد بنت ، وقال : " لو كان عندنا ثالثة لزوجناها  عثمان   " ; ولهذا سمي  ذو النورين   ; لأنه تزوج بنتي نبي   . وقد شركه في ذلك أبو العاص بن الربيع  ، زوجه النبي - صلى الله عليه وسلم - أكبر بناته  زينب  ، وحمد مصاهرته ، وأراد أن يتشبه به  علي  في حكم المصاهرة ، لما أراد  علي  أن يتزوج بنت أبي جهل  ، فذكر [4] صهره هذا . قال : " حدثني فصدقني ، ووعدني فوفى لي  " [5]  . 
وأسلمت  زينب  قبل إسلامه بمدة ، وتأيمت عليه ، حتى أعادها إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل : أعادها بالنكاح الأول . وقيل : بل جدد لها نكاحا . والصحيح : أنه أعادها بالنكاح الأول . هذا الذي ثبته أئمة الحديث ،  كأحمد  وغيره . 
وقد تنازع الناس في مثل هذه المسألة : إذا أسلمت الزوجة [6] قبل زوجها ، على أقوال مذكورة في غير هذا الموضع [7]  . 
				
						
						
