وقوله: لم يتسنه جاء التفسير: لم يتغير [بمرور السنين عليه، مأخوذ من السنة] ، وتكون الهاء من أصله [من قولك: بعته مسانهة، تثبت وصلا ووقفا. ومن وصله بغير هاء جعله من المساناة؛ لأن لام سنة تعتقب عليها الهاء والواو] ، وتكون زائدة صلة بمنزلة قوله فبهداهم اقتده فمن جعل الهاء زائدة جعل فعلت منه تسنيت، ألا ترى أنك تجمع السنة سنوات فيكون تفعلت على صحة، ومن قال في [تصغير] السنة سنينة وإن كان ذلك قليلا جاز أن يكون تسنيت تفعلت أبدلت النون بالياء لما كثرت النونات، كما قالوا تظنيت وأصله الظن. وقد قالوا هو مأخوذ من قوله من حمإ مسنون يريد: متغير. فإن يكن كذلك فهو أيضا مما أبدلت نونه ياء. ونرى أن معناه مأخوذ من السنة أي: لم تغيره السنون. والله أعلم.
حدثنا ، قال حدثنا محمد بن الجهم ، قال حدثني الفراء رفعه إلى سفيان بن عيينة زيد [ ص: 173 ] ابن ثابت قال: كتب في حجر ننشزها ولم يتسنه وانظر إلى فنقط على الشين والزاي أربعا وكتب (يتسنه) بالهاء. وإن شئت قرأتها في الوصل على وجهين: تثبت الهاء وتجزمها، وإن شئت حذفتها أنشدني بعضهم: زيد بن ثابت
فليست بسنهاء ولا رجبية ولكن عرايا في السنين الجوائح
والرجبية: التي تكاد تسقط فيعمد حولها بالحجارة. والسنهاء النخلة القديمة. فهذه قوة لمن أظهر الهاء إذا وصل.
وقوله ولنجعلك آية للناس إنما أدخلت فيه الواو لنية فعل بعدها مضمر كأنه قال: ولنجعلك آية فعلنا ذلك. وهو كثير في القرآن. وقوله آية للناس حين بعث أسود اللحية والرأس وبنو بنيه شيب، فكان آية لذلك.
وقوله ننشزها قرأها كذلك، والإنشاز نقلها إلى موضعها. وقرأها زيد بن ثابت "ننشرها". إنشارها: إحياؤها. واحتج بقوله: ابن عباس ثم إذا شاء أنشره وقرأها الحسن - فيما بلغنا- (ننشرها) ذهب إلى النشر والطي. والوجه أن تقول: أنشر الله الموتى فنشروا إذا حيوا، كما قال الأعشى :
يا عجبا للميت الناشر
وسمعت بعض بني الحارث يقول: كان به جرب فنشر، أي: عاد وحيي. وقوله: فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير جزمها ، وهي في قراءة [ ص: 174 ] ابن عباس أبي وعبد الله جميعا: (قيل له اعلم) ، واحتج فقال: أهو خير من ابن عباس إبراهيم وأفقه؟ فقد قيل له: واعلم أن الله عزيز حكيم والعامة تقرأ: أعلم أن الله وهو وجه حسن؛ لأن المعنى كقول الرجل عند القدرة تتبين له من أمر الله: (أشهد أن لا إله إلا الله) والوجه الآخر أيضا بين.