الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فساء قرينا  بمنزلة قولك: نعم رجلا، وبئس رجلا وكذلك وساءت مصيرا وكبر مقتا وبناء نعم وبئس ونحوهما أن ينصبا ما وليهما من النكرات، وأن يرفعا ما يليهما من معرفة غير موقتة وما أضيف إلى تلك المعرفة. وما أضيف إلى نكرة كان فيه الرفع والنصب.

                                                                                                                                                                                                                                      فإذا مضى الكلام بمذكر قد جعل خبره مؤنثا مثل: الدار منزل صدق، قلت:

                                                                                                                                                                                                                                      نعمت منزلا، كما قال وساءت مصيرا وقال وحسنت مرتفقا ولو قيل:

                                                                                                                                                                                                                                      وساء مصيرا، وحسن مرتفقا، لكان صوابا كما تقول: بئس المنزل النار، ونعم المنزل الجنة. فالتذكير والتأنيث على هذا ويجوز: نعمت المنزل دارك، وتؤنث فعل المنزل لما كان وصفا للدار. وكذلك تقول: نعم الدار منزلك، فتذكر فعل الدار إذ كانت وصفا للمنزل. وقال ذو الرمة:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 268 ]

                                                                                                                                                                                                                                      أو حرة عيطل ثبجاء مجفرة دعائم الزور نعمت زورق البلد



                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن تذكر الرجلين فتقول بئسا رجلين، وبئس رجلين، وللقوم: نعم قوما ونعموا قوما. وكذلك الجمع من المؤنث. وإنما وحدوا الفعل وقد جاء بعد الأسماء لأن بئس ونعم دلالة على مدح أو ذم لم يرد منهما مذهب الفعل، مثل قاما وقعدا.

                                                                                                                                                                                                                                      فهذا في بئس ونعم مطرد كثير. وربما قيل في غيرهما مما هو في معنى بئس ونعم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعض العرب: قلت أبياتا جاد أبياتا، فوحد فعل البيوت. وكان الكسائي يقول: أضمر حاد بهن أبياتا، وليس هاهنا مضمر إنما هو الفعل وما فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وحسن أولئك رفيقا إنما وحد الرفيق وهو صفة لجمع لأن الرفيق والبريد والرسول تذهب به العرب إلى الواحد وإلى الجمع. فلذلك قال وحسن أولئك رفيقا ولا يجوز في مثله من الكلام أن تقول: حسن أولئك رجلا، ولا قبح أولئك رجلا، إنما يجوز أن توحد صفة الجمع إذا كان اسما مأخوذا من فعل ولم يكن اسما مصرحا مثل رجل وامرأة، ألا ترى أن الشاعر قال:


                                                                                                                                                                                                                                      وإذا هم طعموا فألأم طاعم     وإذا هم جاعوا فشر جياع

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 269 ] وقوله: كبرت كلمة تخرج من أفواههم كذلك، وقد رفعها بعضهم ولم يجعل قبلها ضميرا تكون الكلمة خارجة من ذلك المضمر. فإذا نصبت فهي خارجة من قوله وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا أي كبرت هذه كلمة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية