فإذا مضى الكلام بمذكر قد جعل خبره مؤنثا مثل: الدار منزل صدق، قلت:
نعمت منزلا، كما قال وساءت مصيرا وقال وحسنت مرتفقا ولو قيل:
وساء مصيرا، وحسن مرتفقا، لكان صوابا كما تقول: بئس المنزل النار، ونعم المنزل الجنة. فالتذكير والتأنيث على هذا ويجوز: نعمت المنزل دارك، وتؤنث فعل المنزل لما كان وصفا للدار. وكذلك تقول: نعم الدار منزلك، فتذكر فعل الدار إذ كانت وصفا للمنزل. وقال ذو الرمة:
[ ص: 268 ]
أو حرة عيطل ثبجاء مجفرة دعائم الزور نعمت زورق البلد
ويجوز أن تذكر الرجلين فتقول بئسا رجلين، وبئس رجلين، وللقوم: نعم قوما ونعموا قوما. وكذلك الجمع من المؤنث. وإنما وحدوا الفعل وقد جاء بعد الأسماء لأن بئس ونعم دلالة على مدح أو ذم لم يرد منهما مذهب الفعل، مثل قاما وقعدا.
فهذا في بئس ونعم مطرد كثير. وربما قيل في غيرهما مما هو في معنى بئس ونعم.
وقال بعض العرب: قلت أبياتا جاد أبياتا، فوحد فعل البيوت. وكان يقول: أضمر حاد بهن أبياتا، وليس هاهنا مضمر إنما هو الفعل وما فيه. الكسائي
وقوله: وحسن أولئك رفيقا إنما وحد الرفيق وهو صفة لجمع لأن الرفيق والبريد والرسول تذهب به العرب إلى الواحد وإلى الجمع. فلذلك قال وحسن أولئك رفيقا ولا يجوز في مثله من الكلام أن تقول: حسن أولئك رجلا، ولا قبح أولئك رجلا، إنما يجوز أن توحد صفة الجمع إذا كان اسما مأخوذا من فعل ولم يكن اسما مصرحا مثل رجل وامرأة، ألا ترى أن الشاعر قال:
وإذا هم طعموا فألأم طاعم وإذا هم جاعوا فشر جياع