الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى  

                                                                                                                                                                                                                                      فإن رفع (الصابئين) على أنه عطف على (الذين) ، و (الذين) حرف على جهة واحدة في رفعه ونصبه وخفضه، فلما كان إعرابه واحدا وكان نصب (إن) نصبا [ ص: 311 ] ضعيفا- وضعفه أنه يقع على (الاسم ولا يقع على) خبره- جاز رفع الصابئين.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا أستحب أن أقول: إن عبد الله وزيد قائمان لتبين الإعراب في عبد الله. وقد كان الكسائي يجيزه لضعف إن. وقد أنشدونا هذا البيت رفعا ونصبا:


                                                                                                                                                                                                                                      فمن يك أمسى بالمدينة رحله فإني وقيارا بها لغريب



                                                                                                                                                                                                                                      وقيار. ليس هذا بحجة للكسائي في إجازته (إن عمرا وزيد قائمان) لأن قيارا قد عطف على اسم مكنى عنه، والمكنى لا إعراب له فسهل ذلك (فيه كما سهل) في (الذين) إذا عطفت عليه (الصابئون) وهذا أقوى في الجواز من (الصابئون) لأن المكنى لا يتبين فيه الرفع في حال، و (الذين) قد يقال: اللذون فيرفع في حال.

                                                                                                                                                                                                                                      وأنشدني بعضهم:


                                                                                                                                                                                                                                      وإلا فاعلموا أنا وأنتم     بغاة ما حيينا في شقاق



                                                                                                                                                                                                                                      وقال الآخر:


                                                                                                                                                                                                                                      يا ليتني وأنت يا لميس     ببلد ليس به أنيس



                                                                                                                                                                                                                                      وأنشدني بعضهم:


                                                                                                                                                                                                                                      يا ليتني وهما نخلو بمنزلة     حتى يرى بعضنا بعضا ونأتلف

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 312 ] قال الكسائي: أرفع (الصابئون) على إتباعه الاسم الذي في هادوا، ويجعله من قوله إنا هدنا إليك لا من اليهودية. وجاء التفسير بغير ذلك لأنه وصف الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، ثم ذكر اليهود والنصارى فقال: من آمن منهم فله كذا، فجعلهم يهودا ونصارى.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية