إن شئت جعلت هو كناية عن الإخراج وتخرجون فريقا منكم من ديارهم أي: وهو محرم عليكم يريد: إخراجهم محرم عليكم، ثم أعاد الإخراج [ ص: 51 ] مرة أخرى تكريرا على "هو" لما حال (بين الإخراج وبين "هو" كلام) ، فكان رفع الإخراج بالتكرير على "هو"، وإن شئت جعلت "هو" عمادا ورفعت الإخراج بمحرم كما قال الله جل وعز: وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر فالمعنى -والله أعلم- ليس بمزحزحه من العذاب التعمير، فإن قلت: إن العرب إنما تجعل العماد في الظن؛ لأنه ناصب، وفي "كان" و"ليس"؛ لأنهما يرفعان، وفي "إن" وأخواتها لأنهن ينصبن، ولا ينبغي للواو وهي لا تنصب ولا ترفع ولا تخفض أن يكون لها عماد، قلت: لم يوضع العماد على أن يكون لنصب أو لرفع أو لخفض، إنما وضع في كل موضع يبتدأ فيه بالاسم قبل الفعل، فإذا رأيت الواو في موضع تطلب الاسم دون الفعل صلح في ذلك العماد كقولك: أتيت زيدا وأبوه قائم، فقبيح أن تقول: أتيت زيدا وقائم أبوه، وأتيت زيدا ويقوم أبوه؛ لأن الواو تطلب الأب، فلما بدأت بالفعل وإنما تطلب الواو الاسم أدخلوا لها "هو"؛ لأنه اسم. قال : سمعت بعض العرب يقول: كان مرة وهو ينفع الناس أحسابهم . وأنشدني بعض العرب: الفراء
[ ص: 52 ]
فأبلغ أبا يحيى إذا ما لقيته على العيس في آباطها عرق يبس بأن السلامي الذي بضرية
أمير الحمى قد باع حقي بني عبس بثوب ودينار وشاة ودرهم
فهل هو مرفوع بما هاهنا رأس
فجعل مع "هل" العماد وهي لا ترفع ولا تنصب؛ لأن هل تطلب الأسماء أكثر من طلبها فاعلا قال: وكذلك "ما" و "أما"، تقول: ما هو بذاهب أحد، وأما هو فذاهب زيد، لقبح أما ذاهب فزيد.