[ ص: 412 ] قالوا : وقال أشعيا  أيضا : " من أعجب الأعاجيب أن رب الملائكة سيولد من البشر " .  
فيقال : مثل هذا الكلام لا بد أن يكون قبله كلام وبعده كلام ، وهو منقول من لغة إلى لغة ، ونحن نعلم قطعا أنه لم يرد أن رب العالمين يولد من البشر ، ولو أراد ذلك لم يقل رب الملائكة فقط ، فإن الله رب كل شيء ، لكن قد يريد أنه يولد من البشر من سيكون سيد الملائكة  تخدمه وتكرمه ، كما سجدت الملائكة لأبي البشر آدم   . 
والنصارى  يسلمون أن اللاهوت ما هو متولد من البشر ، وإنما المتولد من البشر هو الناسوت ، وليس هو رب العالمين بالاتفاق ، فعلم أنه لا حجة لهم في ظاهر اللفظ إن قدر سلامته من التغيير . 
ونظير هذا ما عندهم في إنجيل متى   : ( أن ابن الإنسان يرسل ملائكته ، ويجمعون كل الملوك ربا على الأمم فيلقونهم في أتون النار ) قال بعض علماء أهل الكتاب : لم يرد بذلك أن المسيح  هو رب  [ ص: 413 ] الأرباب ، ولا أنه خالق الملائكة ، بل رب الملائكة أوصى الملائكة بحفظ المسيح  بشهادة النبي القائل : ( إن الله يوصي ملائكته بك ليحفظوك ) . 
ثم شهادة ( لوقا   ) أن الله أرسل له ملكا من السماء ليقويه ، قال : " وإذا شهد الإنجيل باتفاق الأنبياء والرسل بأن الله يوصي ملائكته بالمسيح  فيحفظونه ، علم أن الملائكة تطيع للمسيح  بالأمر ، وهو والملائكة في خدمة رب العالمين " . 
وقال المسيح  لتلاميذه : " من قبلكم فقد قبلني ، ومن قبلني فقد قبل من أرسلني " . 
وقال المسيح   : " من أنكرني قدام الناس أنكرته قدام ملائكة الله " . 
 [ ص: 414 ] وقال للذي ضرب عبد رئيس الكهنة : " أغمد سيفك ، ولا تظن أن لا أستطيع أن أدعو الله الأب فيقدم لي أكثر من اثني عشر جوقا من الملائكة " . 
				
						
						
