[ ص: 247 ] وكان قبل قصة نجران قد آمن به كثير من اليهود والنصارى رؤساؤهم وغير رؤسائهم لما تبين لهم أنه رسول الله إليهم ، كما آمن به النجاشي ملك الحبشة ، وكان نصرانيا هو وقومه ، وكان إيمانه به في أول أمر النبي صلى الله عليه وسلم لما كان أصحابه مستضعفين بمكة ، وكان الكفار يظلمونهم ويؤذونهم ويعاقبونهم على الإيمان بالله ورسوله ، فهاجر منهم طائفة مثل عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وعبد الله بن مسعود وجعفر بن [ ص: 248 ] أبي طالب ، وغيرهم من الرجال والنساء إليه ، وكان ملكا عادلا ، فأرسل الكفار خلفهم رسلا بهدايا ليردهم إليهم ، فامتنع من عدله أن يسلمهم إليهم حتى يسمع كلامهم ، فلما سمع كلامهم وما أخبروه به من أمر النبي صلى الله عليه وسلم آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وآواهم .
ولما سمع القرآن قال : إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة ، ولما سألهم عن قولهم في المسيح عليه السلام قالوا : نشهد أنه عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول التي لم يمسها رجل ، فقال النجاشي : والله ما زاد لجعفر بن أبي طالب عيسى ابن مريم على ما قلت هذا العود ، فنخرت أصحابه ، فقال : وإن نخرتم ، وإن نخرتم ، وبعث ابنه وطائفة من أصحابه إلى النبي [ ص: 249 ] صلى الله عليه وسلم مع ، وقدم جعفر بن أبي طالب على النبي صلى الله عليه وسلم عام جعفر خيبر ، وقد ذكر قصتهم جماعة من العلماء والحفاظ في المسند كأحمد بن حنبل وابن سعد في الطبقات وأبي نعيم في الحلية وغيرهم ، وذكرها أهل التفسير والحديث والفقه وهي متواترة عند العلماء .
قال : حدثني أحمد يعقوب بن إبراهيم بن سعيد ، عن أبيه ، قال : حدثنا ، حدثني محمد بن إسحاق محمد بن مسلم بن عبد [ ص: 250 ] الله بن شهاب الزهري ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي ، عن أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها ، قالت : لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار ( ) أمنا على ديننا ، وعبدنا الله ، لا نؤذى ، ولا نسمع شيئا نكرهه ، فلما بلغ ذلك النجاشي قريشا ائتمروا أن يبعثوا إلى فينا رجلين جلدين ، وأن يهدوا النجاشي هدايا مما يستطرف من متاع للنجاشي مكة ، وكان أعجب ما يأتيه منها إليه الأدم ، فجمعوا له أدما كثيرا ، ولم يتركوا من بطارقته بطريقا إلا أهدوا له هدية ، ثم بعثوا بذلك عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة [ ص: 251 ] المخزومي ، وعمرو بن العاص بن وائل السهمي ، وأمروهما أمرهم ، وقالوا لهما : ادفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلموا فيهم ، ثم قدموا إلى النجاشي هداياه ، ثم اسألوه أن يسلمهم إليكم قبل أن يكلمهم ، قالت : فخرجا ، فقدما على النجاشي ، ونحن عنده بخير دار عند خير جار ، فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي ، ثم قالا لكل بطريق منهم : إنه قد صبأ [ ص: 252 ] إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ، ولم يدخلوا في دينكم ، وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم ، وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم لنردهم إليهم ، فإذا كلمنا الملك فيهم فتشيروا عليه أن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم ، فإن قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم ، فقالوا لهما : نعم ، ثم إنهما قربا هداياهم إلى النجاشي ، فقبلها منهما ، ثم كلماه فقالا له : أيها الملك ، إنه قد صبأ إلى بلدك منا غلمان سفهاء ، فارقوا دين قومهم ، ولم يدخلوا في دينك ، وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت ، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم ، فهم أعلا بهم عينا ، وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه . النجاشي
قالت : ولم يكن شيء أبغض إلى عبد الله بن أبي ربيعة من أن يسمع وعمرو بن العاص كلامنا . النجاشي
[ ص: 253 ] فقالت بطارقته حوله : صدقوا أيها الملك ، قومهم أعلا بهم عينا ، وأعلم بما عابوا عليهم ، فأسلمهم إليهما فليرداهم إلى بلادهم وقومهم . قالت : فغضب ، ثم قال لا ها الله أيم الله إذا لا أسلمهم إليهما ، ولا أكاد قوما جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم ما يقول هذان في أمرهم ، فإن كانوا كما يقولون أسلمتهم إليهما ورددتهم إلى قومهم ، وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني . النجاشي
قالت : ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم ، فلما جاءهم رسوله اجتمعوا ثم قال بعضهم لبعض : ما تقولون للرجل إذا جئتموه ؟ قالوا : نقول والله ما علمنا وما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم ، كائن في ذلك ما هو كائن . فلما جاءوه زاد أبو نعيم وقد دعى أساقفته [ ص: 254 ] ومعهم مصاحفهم حوله ، فلما جاءوه فسألهم ، فقال : ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الأمم ؟ النجاشي
قالت : فكان الذي كلمه ، فقال : أيها الملك ، كنا قوما أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا ، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ، نخلع ما كنا نحن نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش ، وقول الزور ، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنات ، وأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئا ، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام . قالت : فعدد عليه أمور الإسلام ، قال : فصدقناه ، وآمنا به ، واتبعناه على ما جاء به ، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به [ ص: 255 ] شيئا وحرمنا ما حرم علينا ، وأحللنا ما أحل لنا ، فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان عن عبادة الله ، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث ، فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلدك ، واخترناك على من سواك ، ورغبنا في جوارك ، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك . جعفر بن أبي طالب
قالت : فقال له : هل معك مما جاء به عن الله من شيء ؟ النجاشي
قالت : فقال له : نعم . فقال له جعفر : فاقرأه علي . فقرأ عليه صدرا من سورة النجاشي مريم :
[ ص: 256 ] كهيعص ذكر رحمة ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفيا قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا يازكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا يايحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا فحملته فانتبذت به مكانا قصيا فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا فأتت به قومها تحمله قالوا يامريم لقد جئت شيئا فريا ياأخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون
[ ص: 257 ] قالت رضي الله عنها ، فبكى والله أم سلمة حتى أخضل لحيته ، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلي عليهم ، ثم قال النجاشي : إن هذا والذي جاء به النجاشي موسى ليخرج من مشكاة واحدة ، ثم قال لعبد الله بن أبي ربيعة : انطلقا فوالله لا أسلمهم إليكما أبدا ولا أكاد . وعمرو بن العاص
قالت : فلما خرج من عنده قال : أم سلمة والله لآتينه غدا أعيبهم عنده ، ثم أستأصل به خضراءهم . عمرو بن العاص
قالت : فقال له عبد الله بن أبي ربيعة - وكان أتقى الرجلين فينا - لا تفعل ; فإن لهم أرحاما ، وإن كانوا قد خالفونا ، قال : والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى ابن مريم عبد .
قالت : ثم غدا عليه الغد ، فقال له : أيها الملك ، إنهم يقولون في [ ص: 258 ] عيسى ابن مريم قولا عظيما ، فأرسل إليهم فاسألهم عما يقولون فيه .
قالت : فأرسل إليهم يسألهم عنه .
قالت : ولم ينزل بنا مثلها ، فاجتمع القوم ، فقال بعضهم لبعض : ما تقولون في عيسى إذا سألكم عنه ؟ قالوا : نقول والله فيه ما قاله الله ، وما جاء به نبينا كائنا في ذلك ما هو كائن ، فلما دخلوا عليه قال لهم : ما تقولون في عيسى ابن مريم ، فقال له : نقول فيه الذي جاء به نبينا : هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى جعفر بن أبي طالب مريم العذراء البتول .
قالت : فضرب يده إلى الأرض فأخذ منها عودا ، ثم قال : ما عدى النجاشي عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود ، فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال ، فقال : وإن نخرتم والله ، اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي - والسيوم : الآمنون - من سبكم غرم ، ثم من سبكم غرم ، ثم من سبكم غرم ، فما أحب أن لي دبرا ذهبا وأني آذيت رجلا منكم - والدبر بلسان الحبشة : الجبل - ردوا عليهما هداياهما ، فلا حاجة لنا بها ، فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه ، وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه .
[ ص: 259 ] قالت : فخرجا من عنده مقبوحين ، مردود عليهما ما جاءا به ، وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار .
قالت : فوالله إنا على ذلك إذ نزل به . يعني : من ينازعه في ملكه .
قالت : فوالله ما علمنا حزنا قط كان أشد من حزن حزناه عند ذلك تخوفنا أن يظهر ذلك على فيأتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه . النجاشي
وروى عبد الله بن عامر بن الزبير ، عن أبيه ، قال : لما نزل عدوه من أرضه جاء بالنجاشي المهاجرون ، فقالوا : إنا نحن نخرج إليهم ، فنقاتل معك ، وترى جزاءنا ، ونجزيك بما صنعت بنا ، فقال : ذو ينصره الله خير من الذي ينصره الناس ، يقول : الذي ينصره الله خير من الذي ينصره الناس ، فأبى ذلك عليهم .
( رجعنا إلى ) حديث قالت : وسار أم سلمة وبينهما عرض النيل قالت : فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : من رجل يخرج حتى يحضر وقعة القوم ثم يأتينا بالخبر ؟ النجاشي
[ ص: 260 ] قالت : فقال : أنا . الزبير بن العوام
قالت : وكان من أحدث القوم سنا ، قالت : فنفخنا له قربة فجعلها في صدره ثم سبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم ثم انطلق حتى حضرهم .
قالت : ودعونا الله بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده . للنجاشي
قالت : فوالله إنا لعلى ذلك متوقعين لما هو كائن إذ طلع يسعى ويلوح بثوبه ويقول : ألا أبشروا ، قد ظهر النجاشي ، وقد أهلك الله عدوه . الزبير
فوالله ما علمت فرحنا فرحة مثلها قط .
قالت : فرجع ، وقد أهلك الله عدوه ، ومكن له في بلاده ، واستوثق عليه أمر النجاشي الحبشة ، فكنا عنده في خير منزل حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد روى جمل هذه القصة في سننه من حديث أبو داود . أبي موسى
[ ص: 261 ] وفي الصحيحين من حديث ، قال : بلغنا مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أبي موسى باليمن ، فخرجنا مهاجرين إليه أنا وأخوان لي أنا أصغرهما في اثنين وخمسين رجلا من قومي ، فركبنا سفينة فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة ، فوافقنا وأصحابه عنده ، قال جعفر بن أبي طالب : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا وأمرنا - يعني بالإقامة - فأقيموا معنا . قال : فأقمنا معه حتى قدمنا جميعا . قال : فوافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتح جعفر خيبر فأسهم لنا منها ، وما قسم لأحد غائب عن فتح خيبر غيرنا إلا لمن شهد معنا أصحاب سفينتنا مع وأصحابه قسم لهم معهم . جعفر
قال : فلما رأى ناس من الناس يقولون لنا - يعني أهل السفينة - سبقناكم لهجرة ، قال : ودخلت أسماء بنت عميس - وهي ممن قدم معنا - على زائرة ، وقد كانت هاجرت إلى حفصة فيمن [ ص: 262 ] هاجر إليه ، فدخل النجاشي على عمر حفصة وأسماء عندها ، فقال حين رأى عمر : من هذه ؟ قالت : أسماء أسماء بنت عميس ، فقال : الحبشية هذه ؟ البحرية هذه ؟ قالت عمر : نعم ، فقال أسماء : سبقناكم بالهجرة ، نحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فغضبت وقالت : يا عمر كلا والله كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم ويعظ جاهلكم ، وكنا في أرض البعداء البغضاء عمر بالحبشة ، وذلك في الله تبارك وتعالى وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأيم الله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتى أذكر ما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونحن كنا نؤذى ونخاف ، وسأذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأسأله ، والله لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد على ذلك .
فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت : يا رسول الله إن قال كذا وكذا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عمر . فماذا [ ص: 263 ] قلت له ؟ قالت : قلت كذا وكذا ، قال : ليس بأحق بي منكم ، وله ولأصحابه هجرة واحدة ، ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان
قالت : فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتونني أرسالا يسألوني عن هذا الحديث ، ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال أبو بردة : قالت : فلقد رأيت أسماء أبا موسى وإنه ليستعيد هذا الحديث مني أخرجاه في الصحيحين البخاري . ومسلم
وأخرجا في الصحيحين عن أبي هريرة صاحب النجاشي الحبشة في اليوم الذي مات فيه ، [ ص: 264 ] قال : استغفروا لأخيكم . أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى لهم
وعنه رضي الله عنه ، قال : يوم توفي ، وقال : استغفروا لأخيكم ، ثم خرج بالناس إلى المصلى ، فصفوا وراءه ، وصلى عليه وكبر أربع تكبيرات النجاشي . أخرجاه . نعى النبي صلى الله عليه وسلم
وقال رضي الله عنهما : جابر بن عبد الله فكبر عليه [ ص: 265 ] أربعا أصحمة النجاشي . أخرجاه في الصحيحين . إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على