واختلف
السلف في
nindex.php?page=treesubj&link=26107تزويج الزانية ، فروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير في آخرين من التابعين : " أن من زنى بامرأة أو زنى بها غيره فجائز له أن يتزوجها " . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة nindex.php?page=showalam&ids=48والبراء وإحدى الروايتين عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : " أنهما لا يزالان زانيين ما اجتمعا " . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي : " إذا زنى الرجل فرق بينه وبين امرأته ، وكذلك هي إذا زنت " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : فمن حظر نكاح الزانية تأول فيه هذه الآية ، وفقهاء الأمصار متفقون على جواز النكاح ، وأن الزنا لا يوجب تحريمها على الزوج ولا يوجب الفرقة بينهما . ولا يخلو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=3الزاني لا ينكح إلا زانية من أحد وجهين : إما أن يكون خبرا وذلك حقيقته أو نهيا وتحريما ، ثم لا يخلو من أن يكون المراد بذكر النكاح هنا الوطء أو العقد ، وممتنع أن يحمل على معنى الخبر ، وإن كان ذلك حقيقة اللفظ ؛ لأنا وجدنا زانيا يتزوج غير زانية وزانية تتزوج غير الزاني ، فعلمنا أنه لم يرد مورد الخبر ، فثبت أنه أراد الحكم والنهي . فإذا كان كذلك فليس يخلو من أن يكون المراد الوطء أو العقد ، وحقيقة النكاح هو الوطء في اللغة لما قد بيناه في مواضع ، فوجب أن يكون محمولا عليه على ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومن تابعه في أن المراد الجماع ، ولا يصرف إلى العقد إلا بدلالة ؛ لأنه مجاز ؛ ولأنه إذا ثبت أنه قد أريد به الحقيقة انتفى دخول المجاز فيه . وأيضا فلو كان المراد العقد لم يكن زنا المرأة أو الرجل موجبا للفرقة ؛ إذ كانا جميعا موصوفين بأنهما زانيان ؛ لأن الآية قد اقتضت إباحة
nindex.php?page=treesubj&link=26107نكاح الزاني للزانية ، فكان يجب أن يجوز للمرأة أن تتزوج الذي زنى بها قبل أن يتوبا وأن لا يكون زناهما في حال الزوجية يوجب الفرقة ، ولا نعلم أحدا يقول ذلك ، وكان يجب أن يجوز للزاني أن يتزوج مشركة وللمرأة الزانية أن تتزوج مشركا ، ولا خلاف في أن ذلك غير جائز وأن نكاح المشركات وتزويج المشركين محرم منسوخ ، فدل ذلك على أحد المعنيين : إما أن يكون المراد الجماع على ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومن تابعه ، أو أن يكون حكم الآية منسوخا على ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب . ومن الناس من يحتج في أن الزنا لا يبطل النكاح بما روى
هارون بن رئاب عن
عبيد الله بن عبيد ويرويه
عبد الكريم الجزري عن
أبي [ ص: 109 ] الزبير ، وكلاهما يرسله أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=669671إن امرأتي لا تمنع يد لامس ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالاستمتاع منها ، فيحمل ذلك على أنها لا تمنع أحدا ممن يريدها على الزنا .
وقد أنكر أهل العلم هذا التأويل ، قالوا : لو صح هذا الحديث كان معناه أن الرجل وصف امرأته بالخرق وضعف الرأي وتضييع ماله فهي لا تمنعه من طالب ولا تحفظه من سارق ، قالوا : وهذا أولى ؛ لأنه حقيقة اللفظ ، وحمله على الوطء كناية ومجاز ، وحمله على ما ذكرنا أولى وأشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي وعبد الله : إذا جاءكم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فظنوا به الذي هو أهدى والذي هو أهنأ والذي هو أتقى .
فإن قيل : قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43أو لامستم النساء فجعل الجماع لمسا . قيل له : إن الرجل لم يقل للنبي صلى الله عليه وسلم إنها لا تمنع لامسا ، وإنما قال يد لامس ، ولم يقل فرج لامس ، وقال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=7ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم ومعلوم أن المراد حقيقة اللمس باليد ، وقال
جرير الخطفي يعاتب قوما :
ألستم لئاما إذ ترومون جارهم ولولا همو لم تمنعوا كف لامس
ومعلوم أنه لم يرد به الوطء وإنما أراد أنكم لا تدفعون عن أنفسكم الضيم ومنع أموالكم هؤلاء القوم ، فكيف ترومون جارهم بالظلم . ومن الناس من يقول إن تزويج الزانية وإمساكها على النكاح محظور منهي عنه ما دامت مقيمة على الزنا وإن لم يؤثر ذلك في إفساد النكاح ؛ لأن الله تعالى إنما أباح نكاح المحصنات من المؤمنات ومن
أهل الكتاب بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم يعني العفائف منهن ؛ ولأنها إذا كانت كذلك لا يؤمن أن تأتي بولد من الزنا فتلحقه به وتورثه ماله ، وإنما يحمل قول من رخص في ذلك على أنها تائبة غير مقيمة على الزنا ، ومن الدليل على أن زناها لا يوجب الفرقة أن الله تعالى حكم في القاذف لزوجته باللعان ثم بالتفريق بينهما ، فلو كان وجود الزنا منها يوجب الفرقة لوجب إيقاع الفرقة بقذفه إياها لاعترافه بما يوجب الفرقة ، ألا ترى أنه لو أقر أنها أخته من الرضاعة أو أن أباه قد كان وطئها لوقعت الفرقة بهذا القول ؟
فإن قيل : لما حكم الله تعالى بإيقاع الفرقة بعد اللعان دل ذلك على أن الزنا يوجب التحريم ، لولا ذلك لما وجبت الفرقة باللعان . قيل له : لو كان كما ذكرت لوجبت الفرقة بنفس القذف دون اللعان ، فلما لم تقع بالقذف دل على فساد ما ذكرت .
فإن قيل : إنما وقعت الفرقة باللعان ؛ لأنه صار بمنزلة الشهادة عليها بالزنا ، فلما حكم عليها بذلك حكم بوقوع الفرقة لأجل
[ ص: 110 ] الزنا . قيل له : وهذا غلط أيضا ؛ لأن شهادة الزوج وحده عليها بالزنا لا توجب كونها زانية كما أن شهادتها عليه بالإكذاب لا توجب عليه الحكم بالكذب في قذفه إياها ؛ إذ ليست إحدى الشهادتين بأولى من الأخرى ، ولو كان الزوج محكوما له بقبول شهادته عليها بالزنا لوجب أن تحد حد الزنا ، فلما لم تحد بذلك دل على أنه غير محكوم عليها بالزنا بقول الزوج ، والله أعلم بالصواب .
وَاخْتَلَفَ
السَّلَفُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=26107تَزْوِيجِ الزَّانِيَةِ ، فَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنِ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٍ nindex.php?page=showalam&ids=16049وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي آخَرِينَ مِنَ التَّابِعِينَ : " أَنَّ مَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ أَوْ زَنَى بِهَا غَيْرُهُ فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا " . وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=25وَعَائِشَةَ nindex.php?page=showalam&ids=48وَالْبَرَاءِ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ : " أَنَّهُمَا لَا يَزَالَانِ زَانِيَيْنِ مَا اجْتَمَعَا " . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ : " إِذَا زَنَى الرَّجُلُ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ ، وَكَذَلِكَ هِيَ إِذَا زَنَتْ " . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : فَمَنْ حَظَرَ نِكَاحَ الزَّانِيَةِ تَأَوَّلَ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةَ ، وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ مُتَّفِقُونَ عَلَى جَوَازِ النِّكَاحِ ، وَأَنَّ الزِّنَا لَا يُوجِبُ تَحْرِيمَهَا عَلَى الزَّوْجِ وَلَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمَا . وَلَا يَخْلُو قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=3الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ : إِمَّا أَنْ يَكُونَ خَبَرًا وَذَلِكَ حَقِيقَتُهُ أَوْ نَهْيًا وَتَحْرِيمًا ، ثُمَّ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِذِكْرِ النِّكَاحِ هُنَا الْوَطْءَ أَوِ الْعَقْدَ ، وَمُمْتَنِعٌ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَعْنَى الْخَبَرِ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ حَقِيقَةَ اللَّفْظِ ؛ لِأَنَّا وَجَدْنَا زَانِيًا يَتَزَوَّجُ غَيْرَ زَانِيَةٍ وَزَانِيَةً تَتَزَوَّجُ غَيْرَ الزَّانِي ، فَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ مَوْرِدَ الْخَبَرِ ، فَثَبَتَ أَنَّهُ أَرَادَ الْحُكْمَ وَالنَّهْيَ . فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْوَطْءَ أَوِ الْعَقْدَ ، وَحَقِيقَةُ النِّكَاحِ هُوَ الْوَطْءُ فِي اللُّغَةِ لِمَا قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَوَاضِعَ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَيْهِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَنْ تَابَعَهُ فِي أَنَّ الْمُرَادَ الْجِمَاعُ ، وَلَا يُصْرَفُ إِلَى الْعَقْدِ إِلَّا بِدَلَالَةٍ ؛ لِأَنَّهُ مَجَازٌ ؛ وَلِأَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ قَدْ أُرِيدَ بِهِ الْحَقِيقَةُ انْتَفَى دُخُولُ الْمَجَازِ فِيهِ . وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْعَقْدَ لَمْ يَكُنْ زِنَا الْمَرْأَةِ أَوِ الرَّجُلِ مُوجِبًا لِلْفُرْقَةِ ؛ إِذْ كَانَا جَمِيعًا مَوْصُوفَيْنِ بِأَنَّهُمَا زَانِيَانِ ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ قَدِ اقْتَضَتْ إِبَاحَةَ
nindex.php?page=treesubj&link=26107نِكَاحِ الزَّانِي لِلزَّانِيَةِ ، فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ الَّذِي زَنَى بِهَا قَبْلَ أَنْ يَتُوبَا وَأَنْ لَا يَكُونَ زِنَاهُمَا فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ يُوجِبُ الْفُرْقَةَ ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَقُولُ ذَلِكَ ، وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ لِلزَّانِي أَنْ يَتَزَوَّجَ مُشْرِكَةً وَلِلْمَرْأَةِ الزَّانِيَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ مُشْرِكًا ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَأَنَّ نِكَاحَ الْمُشْرِكَاتِ وَتَزْوِيجَ الْمُشْرِكِينَ مُحَرَّمٌ مَنْسُوخٌ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ : إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْجِمَاعَ عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَنْ تَابَعَهُ ، أَوْ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْآيَةِ مَنْسُوخًا عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ . وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَحْتَجُّ فِي أَنَّ الزِّنَا لَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ بِمَا رَوَى
هَارُونُ بْنُ رِئَابٍ عَنْ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ وَيَرْوِيهِ
عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيُّ عَنْ
أَبِي [ ص: 109 ] الزُّبَيْرِ ، وَكِلَاهُمَا يُرْسِلُهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=669671إِنَّ امْرَأَتِي لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالِاسْتِمْتَاعِ مِنْهَا ، فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْنَعُ أَحَدًا مِمَّنْ يُرِيدُهَا عَلَى الزِّنَا .
وَقَدْ أَنْكَرَ أَهْلُ الْعِلْمِ هَذَا التَّأْوِيلَ ، قَالُوا : لَوْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّ الرَّجُلَ وَصَفَ امْرَأَتَهُ بِالْخَرَقِ وَضَعْفِ الرَّأْيِ وَتَضْيِيعِ مَالِهِ فَهِيَ لَا تَمْنَعُهُ مِنْ طَالِبٍ وَلَا تَحْفَظُهُ مِنْ سَارِقٍ ، قَالُوا : وَهَذَا أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ اللَّفْظِ ، وَحَمْلُهُ عَلَى الْوَطْءِ كِنَايَةٌ وَمَجَازٌ ، وَحَمْلُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَوْلَى وَأَشْبَهَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ وَعَبْدُ اللَّهِ : إِذَا جَاءَكُمُ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَظُنُّوا بِهِ الَّذِي هُوَ أَهْدَى وَاَلَّذِي هُوَ أَهْنَأُ وَاَلَّذِي هُوَ أَتْقَى .
فَإِنْ قِيلَ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَجَعَلَ الْجِمَاعَ لَمْسًا . قِيلَ لَهُ : إِنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَقُلْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا لَا تَمْنَعُ لَامِسًا ، وَإِنَّمَا قَالَ يَدَ لَامِسٍ ، وَلَمْ يَقُلْ فَرْجَ لَامِسٍ ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=7وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَادَ حَقِيقَةُ اللَّمْسِ بِالْيَدِ ، وَقَالَ
جَرِيرٌ الْخَطْفِيُّ يُعَاتِبُ قَوْمًا :
أَلَسْتُمْ لِئَامًا إِذْ تَرُومُونَ جَارَهُمْ وَلَوْلَا هُمُو لَمْ تَمْنَعُوا كَفَّ لَامِسِ
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْوَطْءَ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّكُمْ لَا تَدْفَعُونَ عَنْ أَنْفُسِكُمُ الضَّيْمَ وَمَنْعَ أَمْوَالِكِمْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ ، فَكَيْفَ تَرُومُونَ جَارَهُمْ بِالظُّلْمِ . وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إِنَّ تَزْوِيجَ الزَّانِيَةِ وَإِمْسَاكَهَا عَلَى النِّكَاحِ مَحْظُورٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مَا دَامَتْ مُقِيمَةً عَلَى الزِّنَا وَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي إِفْسَادِ النِّكَاحِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَبَاحَ نِكَاحَ الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَمِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ يَعْنِي الْعَفَائِفَ مِنْهُنَّ ؛ وَلِأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ لَا يُؤْمَنُ أَنْ تَأْتِيَ بِوَلَدٍ مِنَ الزِّنَا فَتُلْحِقَهُ بِهِ وَتُوَرِّثَهُ مَالَهُ ، وَإِنَّمَا يُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا تَائِبَةٌ غَيْرُ مُقِيمَةٍ عَلَى الزِّنَا ، وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ زِنَاهَا لَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكَمَ فِي الْقَاذِفِ لِزَوْجَتِهِ بِاللِّعَانِ ثُمَّ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا ، فَلَوْ كَانَ وُجُودُ الزِّنَا مِنْهَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ لَوَجَبَ إِيقَاعُ الْفُرْقَةِ بِقَذْفِهِ إِيَّاهَا لَاعْتِرَافِهِ بِمَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ أَوْ أَنَّ أَبَاهُ قَدْ كَانَ وَطِئَهَا لَوَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بِهَذَا الْقَوْلِ ؟
فَإِنْ قِيلَ : لَمَّا حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِإِيقَاعِ الْفُرْقَةِ بَعْدَ اللِّعَانِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الزِّنَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ ، لَوْلَا ذَلِكَ لَمَا وَجَبَتِ الْفُرْقَةُ بِاللِّعَانِ . قِيلَ لَهُ : لَوْ كَانَ كَمَا ذَكَرْتَ لَوَجَبَتِ الْفُرْقَةُ بِنَفْسِ الْقَذْفِ دُونَ اللِّعَانِ ، فَلَمَّا لَمْ تَقَعْ بِالْقَذْفِ دَلَّ عَلَى فَسَادِ مَا ذَكَرْتَ .
فَإِنْ قِيلَ : إِنَّمَا وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بِاللِّعَانِ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا بِالزِّنَا ، فَلَمَّا حُكِمَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ حُكِمَ بِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ لِأَجْلِ
[ ص: 110 ] الزِّنَا . قِيلَ لَهُ : وَهَذَا غَلَطٌ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الزَّوْجِ وَحْدَهُ عَلَيْهَا بِالزِّنَا لَا تُوجِبُ كَوْنَهَا زَانِيَةً كَمَا أَنَّ شَهَادَتَهَا عَلَيْهِ بِالْإِكْذَابِ لَا تُوجِبُ عَلَيْهِ الْحُكْمَ بِالْكَذِبِ فِي قَذْفِهِ إِيَّاهَا ؛ إِذْ لَيْسَتْ إِحْدَى الشَّهَادَتَيْنِ بِأَوْلَى مِنَ الْأُخْرَى ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَحْكُومًا لَهُ بِقَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَيْهَا بِالزِّنَا لَوَجَبَ أَنْ تُحَدَّ حَدَّ الزِّنَا ، فَلَمَّا لَمْ تُحَدَّ بِذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَحْكُومٍ عَلَيْهَا بِالزِّنَا بِقَوْلِ الزَّوْجِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .