ومن سورة حم السجدة 
بسم الله الرحمن الرحيم 
قوله تعالى : ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا    . فيه بيان أن ذلك أحسن قول ودل بذلك على لزوم فرض الدعاء إلى الله  ؛ إذ لا جائز أن يكون النفل أحسن من الفرض ، فلو لم يكن الدعاء إلى الله فرضا ، وقد جعله من أحسن قول اقتضى ذلك أن يكون النفل أحسن من الفرض ، وذلك ممتنع . 
وقوله تعالى : إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا  الآية . قيل : إن الملائكة تتنزل عليهم عند الموت فيقولون لا تخف مما أنت قادم عليه فيذهب الله خوفه ، ولا تحزن على الدنيا ، ولا على أهلها فيذهب الله خوفه ، وأبشر بالجنة وروي ذلك عن  زيد بن أسلم .  
وقال غيره : إنما يقولون له ذلك في القيام عند الخروج من القبر فيرى تلك الأهوال ،  [ ص: 262 ] فيقول له الملائكة : لا تخف ولا تحزن فإنما يراد بهذا غيرك ، ويقولون له : نحن أولياؤك في الحياة الدنيا ، فلا يفارقونه تأنيسا له إلى أن يدخل الجنة . وقال  أبو العالية   : إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا  قال : " أخلصوا له الدين والعمل والدعوة " . 
قوله تعالى : ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم  قال بعض أهل العلم : ذكر الله العدو فأخبر بالحيلة فيه حتى تزول عداوته ويصير كأنه ولي ، فقال تعالى : ادفع بالتي هي أحسن  الآية . قال : وأنت ربما لقيت بعض من ينطوي لك على عداوة وضغن فتبدأه بالسلام أو تبسم في وجهه فيلين لك قلبه ويسلم لك صدره . 
قال : ثم ذكر الله الحاسد فعلم أن لا حيلة عندنا فيه ولا في استملاك سخيمته واستخراج ضغينته ، فقال تعالى : قل أعوذ برب الفلق  إلى قوله : ومن شر حاسد إذا حسد  فأمر بالتعوذ منه حين علم أن لا حيلة عندنا في رضاه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					