ذكر اختلاف الفقهاء في الشيخ الفاني قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد : " وزفر يفطر ويطعم عنه كل يوم نصف صاع من حنطة ولا شيء عليه غير ذلك " . وقال الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصيام : " يطعم " ولم يذكر مقداره . الثوري
وقال المزني عن : " يطعم مدا من حنطة كل يوم " . وقال الشافعي ربيعة : " ليس عليه الإطعام ، وإن فعل فحسن " . ومالك
قال : قد ذكرنا في تأويل الآية ما روي عن أبو بكر في قراءته : " وعلى الذين يطوقونه " وأنه الشيخ الكبير ، فلولا أن الآية محتملة لذلك لما تأولها ابن عباس ومن ذكر ذلك عنه عليه ، فوجب استعمال حكمها من إيجاب الفدية في الشيخ الكبير . وقد روي عن ابن عباس أيضا أنه تأول قوله : علي وعلى الذين يطيقونه على الشيخ الكبير .
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : وإذا ثبت ذلك في الميت الذي عليه الصيام فالشيخ أولى بذلك من الميت لعجز الجميع عن الصوم . من مات وعليه صوم فليطعم عنه وليه مكان كل يوم مسكينا
فإن قيل : هلا كان الشيخ ولا يلزمه القضاء ؟ قيل له : لأن المريض مخاطب بقضائه في أيام أخر فإنما تعلق الفرض عليه في أيام القضاء ، لقوله : كالمريض الذي يفطر في رمضان ثم لا يبرأ حتى يموت فعدة من أيام أخر فمتى لم يلحق العدة لم يلزمه شيء ، كمن لم يلحق رمضان وأما الشيخ فلا يرجى له القضاء في أيام أخر فإنما تعلق عليه حمل الفرض في إيجاب الفدية في الحال ، فاختلفا من أجل ذلك .
وقد ذكرنا قول السلف في الشيخ الكبير وإيجاب الفدية عليه في الحال من غير خلاف أحد من نظرائهم ، فصار ذلك إجماعا لا يسع خلافه . وأما الوجه في إيجاب الفدية نصف صاع من بر فهو ما حدثنا قال : حدثنا أخو عبد الباقي بن قانع خطاف قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن سعيد المستملي قال : حدثنا إسحاق الأزرق ، عن ، عن شريك ، عن ابن أبي ليلى ، عن نافع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن عمر . من مات وعليه رمضان فلم يقضه فليطعم عنه مكان كل يوم نصف صاع لمسكين
وإذا ثبت ذلك في المفطر في رمضان إذا مات ثبت في الشيخ الكبير من وجوه :
أحدها : أنه عموم في الشيخ الكبير وغيره ؛ لأن الشيخ الكبير قد تعلق عليه حكم التكليف على ما وصفنا ، فجائز بعد موته أن يقال إنه قد مات وعليه صيام رمضان فقد تناوله عموم اللفظ . ومن جهة [ ص: 222 ] أخرى : أنه قد ثبت أن المراد بالفدية المذكورة في الآية هذا المقدار ، وقد أريد بها الشيخ الكبير ، فوجب أن يكون ذلك هو المقدار الواجب عليه .
ومن جهة أخرى : أنه إذا ثبت ذلك وجب أن يكون ذلك مقدار فدية الشيخ الكبير ؛ لأن أحدا من موجبي الفدية على الشيخ الكبير لم يفرق بينهما . فيمن مات وعليه قضاء رمضان
وقد روي عن ابن عباس وقيس بن السائب ، الذي كان شريك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية ، وعائشة وأبي هريرة في الشيخ الكبير " أنه يطعم عن كل يوم نصف صاع بر " وسعيد بن المسيب إطعام ستة مساكين كل مسكين نصف صاع بر كعب بن عجرة وهذا يدل على أن تقدير فدية الصوم بنصف صاع أولى منه بالمد لأن التخيير في الأصل قد تعلق بين الصوم والفدية في كل واحد منهما . وأوجب النبي صلى الله عليه وسلم على
وقد روي عن وجماعة من التابعين " عن كل يوم مد " والأول أولى لما رويناه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولما عضده قول الأكثرين عددا من الصحابة والتابعين ، وما دل عليه من النظر . ابن عمر