وقوله تعالى - : ولا يغتب بعضكم بعضا  ؛ حدثنا محمد بن بكر  قال : حدثنا  أبو داود  قال : حدثنا  القعنبي  قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد  عن العلاء  عن أبيه عن  أبي هريرة ،  أنه قيل : يا رسول الله ما الغيبة ؟ قال : ذكرك أخاك بما يكره ، قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته  . 
وحدثنا محمد بن بكر  قال : حدثنا  أبو داود  قال : حدثنا  مسدد  قال : حدثنا  سفيان  عن علي بن الأقمر  عن أبي حذيفة  عن  عائشة  قالت : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : حسبك من  صفية  كذا وكذا قال : غير مسدد تعني قصيرة فقال : لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته قالت : وحكيت له إنسانا آخر فقال : ما أحب أني حكيت إنسانا وأن لي كذا وكذا  . 
وحدثنا محمد بن بكر  قال : حدثنا  أبو داود  قال : حدثنا  الحسن بن علي  قال : حدثنا  عبد الرزاق  عن  ابن جريج  قال : أخبرني  أبو الزبير  أن عبد الرحمن بن الصامت  ابن عم  أبي هريرة  أخبره أنه سمع  أبا هريرة  يقول : جاء الأسلمي  إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فشهد على نفسه أربع مرات أنه أصاب امرأة حراما ؛ وذكر الحديث إلى قوله : فما تريد بهذا القول ؟ قال : أريد أن تطهرني فأمر به فرجم ؛ فسمع نبي الله صلى الله عليه وسلم رجلين من أصحابه يقول أحدهما لصاحبه : انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه فلم تردعه نفسه حتى رجم رجم الكلب فسكت عنهما ، ثم سار ساعة حتى مر بجيفة حمار شائل برجله فقال : أين فلان وفلان ؟ فقالا : نحن ذان يا رسول الله قال : انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار فقالا : يا نبي الله من يأكل من هذا ؟ قال : فما نلتما من عرض أخيكما آنفا أشد من الأكل منه ، والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها وحدثنا  عبد الباقي بن قانع  قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الله   [ ص: 291 ] قال : حدثنا يزيد بن مرة  سنة ثلاث عشرة ومائتين قال : حدثنا ابن عون  أن ناسا أتوا  ابن سيرين  فقالوا : إنا ننال منك فاجعلنا في حل فقال : لا أحل لكم ما حرم الله عليكم  . 
وروى الربيع بن صبيح  أن رجلا قال  للحسن   : يا  أبا سعيد  إني أرى أمرا أكرهه قال : وما ذاك يا ابن أخي ؟ قال : أرى أقواما يحضرون مجلسك يحفظون عليك سقط كلامك ثم يحكونك ويعيبونك ، فقال : يا ابن أخي لا يكبرن هذا عليك ، أخبرك بما هو أعجب ؟ قال : وما ذاك يا عم ؟ قال : " أطمعت نفسي في جوار الرحمن وحلول الجنان والنجاة من النيران ومرافقة الأنبياء ولم أطمع نفسي في السلامة من الناس ، إنه لو سلم من الناس أحد لسلم منهم خالقهم الذي خلقهم ، فإذا لم يسلم خالقهم فالمخلوق أجدر أن لا يسلم "  . 
حدثنا  عبد الباقي بن قانع  قال : أخبرنا الحارث بن أبي أسامة  قال : حدثنا داود بن المجبر  قال : حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن  قال : حدثني خالد بن يزيد اليمامي  عن  أنس بن مالك  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفارة الاغتياب أن تستغفر لمن اغتبته وقوله تعالى : أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه  تأكيد لتقبيح الغيبة . والزجر عنه من وجوه . أحدها : أن لحم الإنسان محرم الأكل ، فكذلك الغيبة . 
والثاني : أن النفوس تعاف أكل لحم الإنسان من جهة الطبع ، فلتكن الغيبة عندكم بمنزلته في الكراهة ولزوم اجتنابه من جهة موجب العقل ؛ إذ كانت دواعي العقل أحق بالاتباع من دواعي الطبع ، ولم يقتصر على ذكر الإنسان الميت حتى جعله أخاه ، وهذا أبلغ ما يكون في التقبيح والزجر ، فهذا كله إنما هو في المسلم الذي ظاهره العدالة ، ولم يظهر منه ما يوجب تفسيقه كما يجب علينا تكذيب قاذفه بذلك ، فإن كان المقذوف بذلك مهتوكا فاسقا فإن ذكر ما فيه من الأفعال القبيحة غير محظور ، كما لا يجب على سامعه النكير على قائله . 
ووصفه بما يكرهه على ضربين . أحدهما : ذكر أفعاله القبيحة . والآخر : وصف خلقته ، وإن كان مشينا على جهة الاحتقار له وتصغيره لا على جهة ذمه بها ولا عيب صانعها على نحو ما روينا عن  الحسن  في وصفه الحجاج  بقبح الخلقة ، وقد يجوز وصف قوم في الجملة ببعض ما إذا وصف به إنسان بعينه كان غيبة محظورة ، ثم لا يكون غيبة إذا وصف به الجملة على وجه التعريف . 
كما روى أبو حازم  عن  أبي هريرة  قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني تزوجت امرأة قال : هل نظرت إليها ؟ فإن في أعين الأنصار شيئا ، فإنه لم يكن غيبة ؛ وجعل وصف  عائشة  الرجل بالقصر في الحديث الذي قدمنا غيبة ؛ لأن ذلك كان من النبي صلى الله عليه وسلم على وجه  [ ص: 292 ] التعريف لا على جهة العيب ، وهو كما روي عنه أنه قال : لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما عراض الوجوه صغار العيون فطس الأنوف كأن وجوههم المجان المطرقة فلم يكن ذلك غيبة ، وإنما كان تعريفا لهم صفة القوم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					