باب صلة الرحم المشرك
قال الله - تعالى - : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين الآية . روى عن أبيه عن هشام بن عروة : عائشة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أم لها مشركة جاءتني أأصلها ؟ قال : نعم صليها أسماء قال أن : وقوله : أبو بكر أن تبروهم وتقسطوا إليهم عموم في جواز أهل الذمة إذ ليس هم من أهل قتالنا ، وفيه النهي عن الصدقة على أهل الحرب ؛ لقوله : دفع الصدقات إلى إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين
وقد روي فيه غير ذلك ؛ حدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا قال : أخبرنا الحسن عن عبد الرزاق عن معمر في قوله : قتادة لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم قال : نسخها قوله : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وقوله تعالى - : يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات الآية .
روى عن الزهري عن عروة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : المسور بن مخرمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلح سهيل بن عمرو الحديبية لا يأتيك منا أحد ، وإن كان على دينك إلا رددته علينا فرد أبا جندل على أبيه ، ولم يأته أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة ، وإن كان مسلما وجاء المؤمنات مهاجرات ، وكانت سهيل بن عمرو ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ وهي عاتق ، فجاء أهلها يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجعها ، فأنزل الله فيهن : أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات الآية . كان مما شرط
قال : فأخبرتني عروة عائشة يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك قالت : فمن أقر بهذا الشرط منهن قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد بايعتك كلاما يكلمها به والله ما مست يده يد امرأة من أهل المبايعة وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحنهن بهذه الآية : عن عكرمة بن عمار أبي زميل عن قال : لقد عمر بن الخطاب صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل مكة يوم الحديبية وجعل لهم أن من لحق بالكفار من المسلمين لم يردوه ، ومن لحق بالمسلمين من الكفار يردونه .
وروى الحكم عن مقسم عن قال : " كان في الصلح يوم ابن عباس الحديبية أن من أسلم من أهل مكة فهو رد إليهم ، ونزلت سورة الممتحنة بعد الصلح فكان من أسلم من نسائهم تسأل ما أخرجك ؟ فإن كانت خرجت هربا من زوجها ورغبة عنه ردت ، وإن كانت خرجت رغبة في الإسلام أمسكت ورد على زوجها ما أنفق " . قال : لا يخلو [ ص: 328 ] الصلح من أن يكون كان خاصا في الرجال دون النساء على الوجه الذي ذكر من رد من جاء منهم مسلما إليهم ، أو أن يكون وقع بديا عاما ثم نسخ عن النساء ، وهذا أظهر الوجهين وذلك جائز عندنا ، وإن لم يرد النبي صلى الله عليه وسلم أحدا من النساء عليهم ؛ لأن النسخ جائز بعد التمكين من الفعل ، وإن لم يقع الفعل . أبو بكر
وقوله : يا أيها الذين آمنوا خطاب للمؤمنين والمراد به النبي صلى الله عليه وسلم إذا هاجرن إليه ؛ لأنه هو الذي يتولى امتحانهن دون المؤمنين ، وقد أريد به سائر المؤمنين عند غيبة النبي صلى الله عليه وسلم عن حضرتهم وقوله تعالى : فإن علمتموهن مؤمنات المراد به العلم الظاهر لا حقيقة اليقين ؛ لأن ذلك لا سبيل لنا إليه ، وهو مثل قول إخوة يوسف : إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا يعنون العلم الظاهر ؛ لأنه لم يكن سرق في الحقيقة ، ألا ترى إلى قوله : وما كنا للغيب حافظين ؟ ، وإنما حكموا عليه بالسرقة من جهة الظاهر لما وجدوا الصواع في رحله ؛ وهو مثل شهادة الشهود الذين ظاهرهم العدالة قد تعبدنا الله بالحكم بها من طريق الظاهر وحمل شهادتهما على الصحة ، وكذلك قبول عن النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الطريق وقد ألزمنا الله بهذه الآية قبول أخبار الآحاد والحكم بصحة ما أخبر به عن نفسه فيما بيننا وبينه . قول من أظهر لنا الإيمان
وهذا أصل في تصديق كل من أخبر عما لا يطلع عليه غيره من حاله ، مثل المرأة إذا أخبرت عن حيضها وطهرها وحبلها ، ومثل الرجل يقول لامرأته : " أنت طالق إذا حضت " أو قال : " إذا طهرت " فيكون قولها مقبولا فيه ، وقال ، وتلا هذه الآية : عطاء بن أبي رباح إذا جاءكم المؤمنات فقال : ما علمنا إيمانهن إلا بما ظهر من قولهن ؛ وقال عطاء : امتحانهن ما خرجن إلا للدين والرغبة في الإسلام وحب الله - تعالى - ورسوله . قتادة