قوله تعالى : فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم  قضاء المناسك هو فعلها على تمام ، ومثله قوله : فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا  وقوله : فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض  ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فاقضوا يعني افعلوه على التمام . وقوله : فاذكروا الله كذكركم آباءكم  قد قيل فيه وجهان : 
أحدهما : الأذكار المفعولة في سائر أحوال المناسك  ، كقوله : إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة  وهو مأمور به قبل الطلاق ، على مجرى قولهم : ( إذا حججت فطف بالبيت ، وإذا أحرمت فاغتسل ، وإذا صليت فتوضأ ) وقوله تعالى : إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم  وإنما هو قبل الصلاة ؛ وكذلك: فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله  جائز أن يريد الأذكار المسنونة بعرفات  ، والمزدلفة  وعند الرمي ، والطواف . 
وقيل فيه : إن أهل الجاهلية كانوا يقفون عند قضاء المناسك فيذكرون مآثرهم ومفاخر آبائهم ، فأبدلهم الله به ذكره وشكره على نعمه ، والثناء عليه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات   : إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء ، الناس من آدم  وآدم  من تراب ، لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى ، ثم تلا يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم  فكان خروج الكلام على حال لأهل الجاهلية في ذكرهم آباءهم ، والله أعلم . 
				
						
						
