ومن أبواب الربا الشرعي السلم في الحيوان
قال - رضي الله عنه -: "إن من الربا أبوابا لا تخفى؛ منها السلم في السن"؛ ولم تكن العرب تعرف ذلك ربا؛ فعلم أنه قال ذلك توقيفا؛ فجملة ما اشتمل عليه اسم عمر النساء؛ والتفاضل؛ على شرائط قد تقرر معرفتها عند الفقهاء؛ والدليل على ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: [ ص: 185 ] الربا في الشرع وذكر التمر؛ والملح؛ والذهب؛ والفضة؛ فسمى الفضل في الجنس الواحد من المكيل؛ والموزون؛ ربا؛ وقال - صلى الله عليه وسلم - في حديث "الحنطة بالحنطة؛ مثلا بمثل؛ يدا بيد؛ والفضل ربا؛ والشعير بالشعير؛ مثلا بمثل؛ يدا بيد؛ والفضل ربا"؛ ؛ الذي رواه عنه أسامة بن زيد عبد الرحمن بن عباس: وفي بعض الألفاظ: "إنما الربا في النسيئة"؛ فثبت أن اسم الربا في الشرع يقع على التفاضل تارة؛ وعلى النساء أخرى؛ وقد كان "لا ربا إلا في النسيئة"؛ يقول: " لا ربا إلا في النسيئة ؛ ويجوز ابن عباس ويذهب فيه إلى حديث بيع الذهب بالذهب؛ والفضة بالفضة؛ متفاضلا"؛ ؛ ثم لما تواتر عنده الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بتحريم أسامة بن زيد ؛ رجع عن قوله؛ قال التفاضل في الأصناف الستة : رجع جابر بن زيد عن قوله في الصرف؛ وعن قوله في المتعة؛ وإنما معنى حديث ابن عباس أسامة: النساء في الجنسين؛ كما روى في حديث ؛ وغيره؛ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: عبادة بن الصامت وذكر الأصناف الستة؛ ثم قال: " "الحنطة بالحنطة؛ مثلا بمثل؛ يدا بيد"؛ بيعوا الحنطة بالشعير كيف شئتم؛ يدا بيد "؛ وفي بعض الأخبار: " "؛ فمنع وإذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم؛ يدا بيد ؛ وأباح التفاضل؛ فحديث النساء في الجنسين من المكيل؛ والموزون محمول على هذا؛ ومن الربا المراد بالآية أسامة بن زيد ؛ والدليل على أن ذلك ربا حديث شراء ما يباع بأقل من ثمنه؛ قبل نقد الثمن يونس بن إسحاق؛ عن أبيه؛ عن قال: كنت عند أبي العالية ؛ فقالت لها امرأة: إني بعت عائشة جارية لي إلى عطائه بثمانمائة درهم؛ وإنه أراد أن يبيعها فاشتريتها منه بستمائة؛ فقالت: "بئسما شريت؛ وبئسما اشتريت؛ أبلغي زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن لم يتب"؛ فقالت: يا أم المؤمنين; أرأيت إن لم آخذ إلا رأس مالي؟ فقالت: زيد بن أرقم فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ؛ فدلت تلاوتها لآية الربا عند قولها: أرأيت إن لم آخذ إلا رأس مالي؟ أن ذلك كان عندها من الربا؛ وهذه التسمية طريقها التوقيف؛ وقد روى عن ابن المبارك حكم بن زريق؛ عن قال: سألته عن رجل باع طعاما من رجل إلى أجل؛ فأراد الذي اشترى الطعام أن يبيعه بنقد من الذي باعه منه؛ فقال: هو ربا؛ ومعلوم أنه أراد شراءه بأقل من الثمن الأول؛ إذ لا خلاف على أن شراءه بمثله؛ أو أكثر منه؛ جائز؛ فسمى سعيد بن المسيب ذلك ربا؛ وقد روي النهي عن ذلك عن سعيد بن المسيب ؛ ابن عباس ؛ والقاسم بن محمد ؛ ومجاهد وإبراهيم؛ ؛ وقال والشعبي الحسن؛ ؛ في آخرين: "إن باعه بنقد جاز أن يشتريه؛ فإن كان باعه بنسيئة لم [ ص: 186 ] يشتره بأقل منه إلا بعد أن يحل الأجل"؛ وروي عن وابن سيرين أنه إذا باعه؛ ثم اشتراه بأقل من ثمنه جاز؛ ولم يذكر فيه قبض الثمن؛ وجائز أن يكون مراده إذا قبض الثمن؛ فدل قول ابن عمر عائشة أن ذلك ربا؛ فعلمنا أنهما لم يسمياه ربا إلا توقيفا؛ إذ لا يعرف ذلك اسما له من طريق اللغة؛ فلا يسمى به إلا من طريق الشرع؛ وأسماء الشرع توقيف من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ والله أعلم بالصواب. وسعيد بن المسيب