قوله - عز وجل -: ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ؛ قد قيل في معنى الإصر: إنه الثقل؛ وأصله في اللغة يقال: إنه العطف؛ ومنه أواصر الرحم; لأنها تعطفه عليه؛ والواحد آصرة؛ والمأصر يقال: إنه حبل يمد على طريق؛ أو نهر؛ تحبس به المارة؛ ويعطفون به عن النفوذ ليؤخذ منهم العشور؛ والمكس؛ والمعنى في قوله: ولا تحمل علينا إصرا ؛ يريد به عهدا؛ وهو الأمر الذي يثقل؛ روي نحوه عن ؛ ابن عباس ؛ ومجاهد ؛ وهو في معنى قوله (تعالى): وقتادة وما جعل عليكم في الدين من حرج ؛ يعني من ضيق؛ وقوله: يريد الله بكم اليسر ؛ الآية؛ وقوله (تعالى): ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ؛ وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: وروي عنه "جئتكم بالحنيفية السمحة"؛ . أن بني إسرائيل شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم
فقوله: ولا تحمل علينا إصرا ؛ يعني: من ثقل الأمر والنهي؛ كما حملته على الذين من قبلنا ؛ وهو كقوله: ويضع عنهم إصرهم [ ص: 280 ] والأغلال التي كانت عليهم ؛ وهذه الآية ونظائرها يحتج بها على نفي الحرج؛ والضيق؛ والثقل؛ في كل أمر اختلف الفقهاء فيه؛ وسوغوا فيه الاجتهاد؛ فالموجب للثقل؛ والضيق؛ والحرج؛ محجوج بالآية؛ نحو إيجاب النية في الطهارة؛ وإيجاب الترتيب فيها؛ وما جرى مجرى ذلك في نفي الضيق؛ والحرج؛ يجوز لنا الاحتجاج بالظواهر التي ذكرناها.