قوله (تعالى): قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء ؛ قال : "نزلت في قوم من اليهود؛ كانوا يغرون بين زيد بن أسلم الأوس والخزرج؛ بذكرهم الحروب التي كانت بينهم؛ حتى ينسلخوا من الدين بالعصبية؛ وحمية الجاهلية"؛ وعن أنها نزلت في اليهود والنصارى [ ص: 313 ] جميعا؛ في كتمانهم صفته في كتبهم؛ فإن قيل: قد سمى الله الكفار شهداء؛ وليسوا حجة على غيرهم؛ فلا يصح لكم الاحتجاج بقوله: الحسن لتكونوا شهداء على الناس ؛ في ؛ قيل له: إنه - جل وعلا - لم يقل في أهل الكتاب: "وأنتم شهداء على غيركم"؛ وقال هناك: صحة إجماع الأمة؛ وثبوت حجته لتكونوا شهداء على الناس ؛ كما قال: ويكون الرسول عليكم شهيدا ؛ فأوجب ذلك تصديقهم؛ وصحة إجماعهم؛ وقال في هذه الآية: وأنتم شهداء ؛ ومعناه غير معنى قوله: شهداء على الناس ؛ وقد قيل في معناه وجهان؛ أحدهما: "وأنتم شهداء أنكم عالمون ببطلان قولكم في صدكم عن دين الله (تعالى)"؛ وذلك في أهل الكتاب منهم؛ والثاني أن يريد بقوله: شهداء ؛ عقلاء؛ كما قال الله (تعالى): أو ألقى السمع وهو شهيد ؛ يعني: "وهو عاقل"; لأنه يشهد الدليل الذي يميز به الحق من الباطل.