قوله تعالى : آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله قيل إن معناه : لا تعلمون أيهم أقرب لكم نفعا في الدين والدنيا والله يعلمه فاقسموه على ما بينه ؛ إذ هو عالم بالمصالح . وقيل إن معناه : آباؤكم وأبناؤكم متقاربون في النفع حتى لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ، إذ كنتم تنتفعون بآبائكم في حال الصغر وتنتفعون بأبنائكم عند الكبر ، ففرض ذلك في أموالكم للآباء والأبناء علما منه بمصالح الجميع . وقيل : لا يدري أحدكم أهو أقرب وفاة فينتفع ولده بماله ، أم الولد أقرب وفاة فينتفع الأب والأم بماله ، ففرض في مواريثكم ما فرض علما منه وحكما .
وقد اختلف السلف في وهو أن يخلف الحر المسلم أبوين حرين مسلمين وأخوين كافرين أو مملوكين أو قاتلين ، فقال الحجب بمن لا يرث ، علي وعمر وزيد : " للأم الثلث وما بقي فللأب ، وكذلك المسلمة إذا تركت زوجا وابنا كافرا أو مملوكا أو قاتلا ، أو الرجل ترك امرأة وابنا كذلك أنهم لا يحجبون الزوج ولا المرأة عن نصيبهما الأكثر إلى الأقل " وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد ومالك والثوري . والشافعي
وقال : " يحجبون وإن لم يرثوا " . وقال عبد الله بن مسعود الأوزاعي : " المملوك والكافر لا يرثان ولا يحجبان والقاتل لا يرث ويحجب " . قال والحسن بن صالح : لا خلاف أن الأب الكافر لا يحجب ابنه من ميراث جده وأنه بمنزلة الميت ، فكذلك في حكم حجب الأم والزوج [ ص: 13 ] والزوجة . واحتج من حجب بظاهر قوله تعالى : أبو بكر ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد ولم يفرق بين الكافر والمسلم . فيقال له : فلم حجبت به الأم دون الأب والله تعالى إنما حجبهما جميعا بالولد بقوله تعالى : لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد ؟ فإن جاز أن لا يحجب الأب وجعلت قوله تعالى : إن كان له ولد على ولد يجوز الميراث ، فكذلك حكمه في الأم .