قوله تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=30532_30539_31931_31948_32426_32458_28973_19051_19037_18134_18164nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=104يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا قال
قطرب : " هي كلمة أهل
الحجاز على وجه الهزء " . وقيل : إن
اليهود كانت تقولها كما قال الله في موضع آخر :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين وكانوا يقولون ذلك عن مواطأة بينهم يريدون الهزء ، كما قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=8وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله لأنهم كانوا يقولون " السام عليك " يوهمون بذلك أنهم يسلمون عليه ، فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك من أمرهم ونهى المسلمين أن يقولوا مثله .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=104راعنا وإن كان يحتمل المراعاة والانتظار ، فإنه لما احتمل الهزء على النحو الذي كانت
اليهود تطلقه نهوا عن إطلاقه لما فيه من احتمال المعنى المحظور إطلاقه ، وجائز أن يكون الإطلاق مقتضيا
[ ص: 72 ] لمعنى الهزء وإن احتمل الانتظار ، ومثله موجود في اللغة ، ألا ترى أن اسم الوعد يطلق على الخير والشر ؟ قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=72النار وعدها الله الذين كفروا وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=65ذلك وعد غير مكذوب ومتى أطلق عقل به الخير دون الشر ؛ فكذلك قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=104راعنا فيه احتمال الأمرين ، وعند الإطلاق يكون بالهزء أخص منه بالانتظار وهذا يدل على أن كل لفظ احتمل الخير والشر فغير جائز إطلاقه حتى يقيد بما يفيد الخير ، ويدل على أن الهزء محظور في الدين ، وكذلك اللفظ المحتمل له ولغيره هو محظور ؛ والله أعلم بمعاني كتابه .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=30532_30539_31931_31948_32426_32458_28973_19051_19037_18134_18164nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=104يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا قَالَ
قُطْرُبٌ : " هِيَ كَلِمَةُ أَهْلِ
الْحِجَازِ عَلَى وَجْهِ الْهُزْءِ " . وَقِيلَ : إِنَّ
الْيَهُودَ كَانَتْ تَقُولُهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَكَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ عَنْ مُوَاطَأَةٍ بَيْنَهُمْ يُرِيدُونَ الْهُزْءَ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=8وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ " السَّامُ عَلَيْكَ " يُوهِمُونَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ ، فَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ وَنَهَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقُولُوا مِثْلَهُ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=104رَاعِنَا وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ الْمُرَاعَاةَ وَالِانْتِظَارَ ، فَإِنَّهُ لَمَّا احْتَمَلَ الْهُزْءَ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي كَانَتِ
الْيَهُودُ تُطْلِقُهُ نُهُوا عَنْ إِطْلَاقِهِ لِمَا فِيهِ مِنِ احْتِمَالِ الْمَعْنَى الْمَحْظُورِ إِطْلَاقُهُ ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْإِطْلَاقُ مُقْتَضِيًا
[ ص: 72 ] لِمَعْنَى الْهُزْءِ وَإِنِ احْتَمَلَ الِانْتِظَارَ ، وَمِثْلُهُ مَوْجُودٌ فِي اللُّغَةِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ اسْمَ الْوَعْدِ يُطْلَقُ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=72النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=65ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ وَمَتَى أُطْلِقَ عُقِلَ بِهِ الْخَيْرُ دُونَ الشَّرِّ ؛ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=104رَاعِنَا فِيهِ احْتِمَالُ الْأَمْرَيْنِ ، وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَكُونُ بِالْهُزْءِ أَخُصَّ مِنْهُ بِالِانْتِظَارِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ لَفْظٍ احْتَمَلَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ فَغَيْرُ جَائِزٍ إِطْلَاقُهُ حَتَّى يُقَيَّدَ بِمَا يُفِيدُ الْخَيْرَ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْهُزْءَ مَحْظُورٌ فِي الدِّينِ ، وَكَذَلِكَ اللَّفْظُ الْمُحْتَمِلُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ هُوَ مَحْظُورٌ ؛ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَعَانِي كِتَابِهِ .