وقوله تعالى : تحبسونهما من بعد الصلاة فإنه روي عن ابن سيرين : استحلفا بعد العصر ؛ وقتادة كما قال تعالى : وإنما استحلفا بعد العصر تغليظا لليمين في الوقت المعظم حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى قيل صلاة العصر ؛ وقد روي عن أنه استحلف بعد العصر في هذه القصة . وقد روي أبي موسى . تغليظ اليمين بالاستحلاف في البقعة المعظمة
وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : جابر ؛ فأخبر أن من حلف عند هذا المنبر على يمين آثمة فليتبوأ مقعده من النار ولو على سواك أخضر أعظم مأثما ، وكذلك سائر المواضع الموسومة للعبادات ولتعظيم الله تعالى وذكره فيها تكون المعاصي فيها أعظم إثما ، ألا ترى أن شرب الخمر والزنا في اليمين الفاجرة عند المنبر المسجد الحرام وفي الكعبة أعظم مأثما منه في غيره ؟ وليست اليمين عند المنبر وفي المسجد في الدعاوى بواجبة ، وإنما ذلك على وجه الترهيب وتخويف العقاب . وحكي عن أنه يستحلف الشافعي بالمدينة عند المنبر ؛ واحتج له بعض أصحابه بحديث الذي ذكرنا ، وبحديث جابر وائل بن حجر للحضرمي : لك يمينه قال : إنه رجل فاجر لا يبالي ، قال : ليس لك منه إلا ذلك فانطلق ليحلف ، فلما أدبر ليحلف قال : من حلف على مال ليأكله ظلما لقي الله وهو عنه معرض وبحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ، وفيه : فانطلق ليحلف . [ ص: 163 ] فقالوا : قوله : الأشعث بن قيس يدل على أن الأيمان قد كانت تكون عنده . قال من حلف عند هذا المنبر على يمين آثمة : وليس فيه دلالة على أن ذلك مسنون . أبو بكر
وإنما قال ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان يجلس هناك ، فلذلك كان يقع الاستحلاف عند المنبر ، واليمين عند المنبر أعظم مأثما إذا كانت كاذبة لحرمة الموضع ، فلا دلالة فيه على أنه ينبغي أن تكون عند المنبر ؛ لا يستحلف في الشيء التافه عند المنبر ، وقد ذكر في الحديث : والشافعي فقد خالف الخبر على أصله . وأما قوله : ( انطلق ليحلف ) وأنه لما أدبر قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال ، فإنه لا دلالة فيه على أنه ذهب إلى الموضع وإنما المراد بذلك العزيمة والتصميم عليه ، قال تعالى : ولو على سواك أخضر ثم أدبر واستكبر لم يرد به الذهاب إلى الموضع ، وإنما أراد التولي عن الحق والإصرار عليه . وما روي عن الصحابة في الحلف عند المنبر وبين الركن والمقام فإنما كان ذلك ؛ لأنه كان ينفق الحكومة هناك ولا ينكر أن تكون اليمين هناك أغلظ ، ولكنه ليس بواجب لقوله صلى الله عليه وسلم : ولم يخصصها بمكان ؛ ولكن الحاكم إن رأى تغليظ اليمين باستحلافه عند المنبر إن كان اليمين على المدعى عليه بالمدينة ، وفي المسجد الحرام إن كان بمكة ، جاز له ذلك كما أمر الله تعالى باستحلاف هذين الوصيين بعد صلاة العصر ؛ لأن كثيرا من الكفار يعظمونه ، ووقت غروب الشمس .