قوله تعالى : وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا  الآية الحرث الزرع ، والحرث الأرض التي تثار للزرع ؛ قال  ابن عباس   وقتادة  عمد أناس من أهل الضلالة فجزءوا من حروثهم ومواشيهم جزءا لله تعالى وجزءا لشركائهم ، فكانوا إذا خالط شيء مما جزءوا لشركائهم ما جزءوا لله تعالى ردوه على شركائهم ، وكانوا إذا أصابتهم السنة استعانوا بما جزءوا لله تعالى ووفروا ما جزءوا لشركائهم  . 
وقيل : إنهم كانوا إذا هلك الذي لأوثانهم أخذوا بدله مما لله تعالى ولا يفعلون مثل ذلك فيما لله تعالى ، قال ذلك  الحسن   والسدي   . وقيل : { إنهم كانوا يصرفون بعض ما جعلوه لله في النفقة على أوثانهم ولا يفعلون مثل ذلك فيما جعلوه للأوثان } . وإنما جعل الأوثان شركاءهم ؛ لأنهم جعلوا لها نصيبا من أموالهم ينفقونها عليها فشاركوها في نعمهم . 
قوله تعالى : وقالوا هذه أنعام وحرث حجر  قال  الضحاك   : الحرث الزرع الذي جعلوه لأوثانهم ، وأما الأنعام التي ذكرها أولا فهو ما جعلوه لأوثانهم كما جعلوا الحرث للنفقة عليها في سدنتها وما ينوب من أمرها . 
وقيل : { ما جعل منها قربانا للأوثان } ، وأما الأنعام التي ذكرت ثانيا فإن  الحسن   ومجاهدا  قالا : هي السائبة والوصيلة والحامي ، وأما التي ذكرت ثالثا فإن  [ ص: 175 ]  السدي  وغيره قالوا : { هي التي إذا ولدوها أو ذبحوها أو ركبوها لم يذكروا اسم الله عليها } ، وقال أبو وائل   : { هي التي لا يحجون عليها } . 
وقوله تعالى : حجر  قال  قتادة   : يعني حرام ، وأصله المنع ، قال الله تعالى : ويقولون حجرا محجورا  أي حراما محرما . 
قوله تعالى : وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا  قال  ابن عباس   : { يعنون اللبن } . وقال سعيد  عن  قتادة   : { ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا : البحائر كانت للذكور دون النساء ، وإن كانت ميتة اشترك فيها ذكورهم وإناثهم } . قوله تعالى : قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله  قال  قتادة   : يعني البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي ، تحريما من الشيطان في أموالهم  . 
وقال  مجاهد   والسدي   : ما في بطون هذه الأنعام يعني بها الأجنة وقال غيرهم : { أراد بها الألبان والأجنة جميعا } والخالص هو الذي يكون على معنى واحد لا يشوبه شيء من غيره كالذهب الخالص ، ومنه إخلاص التوحيد وإخلاص العمل لله تعالى وإنما أنث خالصة على المبالغة في الصفة ، كالعلامة والراوية ، وقيل : على تأنيث المصدر ، نحو العاقبة والعافية ، ومنه : بخالصة ذكرى الدار  وقيل : لتأنيث ما في بطونها من الأنعام ، ويقال : فلان خالصة فلان وخلصانه . 
وقوله تعالى : وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء  يعني أجنة الأنعام إذا كانت ميتة استوى ذكرهم وأنثاهم فيها فأكلوها جميعا قال  أبو بكر   : وروى  سعيد بن جبير  عن  ابن عباس  قال : إذا أردت أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين والمائة من سورة الأنعام إلى قوله : قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين  
				
						
						
