قوله تعالى : يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى هذا خطاب عام لسائر المكلفين من الآدميين كما كان قوله تعالى : يا أيها الناس اتقوا ربكم ، إلا أنه لمن كان غير موجود على شرط الوجود وبلوغ كمال العقل . خطابا لمن كان في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ومن جاء بعده من المكلفين من أهل سائر الأعصار
قوله تعالى : قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وقوله تعالى : وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة يدل على فرض ستر العورة ، لإخباره أنه أنزل علينا لباسا لنواري سوآتنا به . وإنما قال : أنزلنا لأن اللباس إنما يكون من نبات الأرض أو من جلود الحيوان وأصوافها ، وقوام جميعها بالمطر النازل من السماء . وقيل إنه وصفه بالإنزال لأن البركات تنسب إلى أنها تأتي من السماء ، كما قال تعالى : وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وقوله : وريشا قيل إنه الأثاث من متاع البيت نحو الفرش والدثار . وقيل : الريش ما فيه الجمال ، ومنه ريش الطائر . وقوله : ولباس التقوى قيل فيه إنه العمل الصالح ، عن ؛ وسماه لباسا لأنه يقي العقاب كما يقي اللباس من الثياب الحر والبرد . وقال ابن عباس قتادة : هو الإيمان . وقال والسدي : هو الحياء الذي يكسبهم التقوى . الحسن
وقال بعض أهل العلم : { هو لباس الصوف والخشن من الثياب التي تلبس للتواضع والنسك في العبادة } . وقد اتفقت الأمة على معنى ما دلت عليه الآية من لزوم فرض ستر العورة ، ووردت به الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم منها حديث عن أبيه عن جده قال : قلت : بهز بن حكيم . يا رسول الله عورتنا ما نأتي منها وما نذر ؟ قال : احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك . قلت : يا رسول الله فإذا كان أحدنا خاليا ؟ قال : فإن الله أحق أن يستحيا منه
وروى عنه عليه السلام أنه قال : أبو سعيد الخدري وقد روي [ ص: 204 ] عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة . ملعون من نظر إلى سوأة أخيه قال الله تعالى : قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن يعني عن العورات ؛ إذ لا خلاف في جواز النظر إلى غير العورة.