وقد اختلف في ، فقال أصحابنا قرابة النبي صلى الله عليه وسلم الذين تحرم عليهم الصدقة هم ذو قراباته وآله وهم آل ذوي القربى من هم جعفر وآل عقيل وولد الحارث بن عبد المطلب ، وروي نحو ذلك عن . وقال آخرون : { زيد بن أرقم بنو المطلب داخلون فيهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاهم من الخمس } . وقال بعضهم { قريش كلها من أقرباء النبي صلى الله عليه وسلم الذين لهم سهم من الخمس إلا أن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يعطيه من رأى منهم } . قال : أما من ذكرناهم فلا خلاف بين الفقهاء أنهم ذووا قراباته ، وأما أبو بكر بنو المطلب فهم وبنو عبد شمس في القرب من النبي صلى الله عليه وسلم سواء ، فإن وجب أن يدخلوا في القرابة الذين تحرم عليهم الصدقة فواجب أن يكون بنو عبد شمس مثلهم لمساواتهم إياهم في الدرجة ، فأما إعطاؤهم الخمس فإنما خص هؤلاء به دون بني عبد شمس بالنصرة لأنه قال : وأما الصدقة فلم يتعلق تحريمها بالنصرة عند جميع الفقهاء ، فثبت أن لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام بني المطلب ليسوا من آل النبي صلى الله عليه وسلم الذين تحرم الصدقة عليهم كبني عبد شمس ، وموالي بني هاشم تحرم عليهم الصدقة ولا قرابة لهم ولا يستحقون من الخمس شيئا بالقرابة رضي الله عنها خادما من الخمس فوكلها إلى التكبير والتحميد ولم يعطها فاطمة . ؛ وقد سألته
فإن قيل : إنما لم يعطها لأنها ليست من ذوي قرباه لأنها أقرب إليه من ذوي قرباه . قيل له فقد خاطب بمثل ذلك وهو من ذوي القربى ، وقال لبعض بنات عمه حين ذهبت مع عليا [ ص: 249 ] إليه تستخدمه : فاطمة وفي يتامى بدر من لم يكن من سبقكن يتامى بدر بني هاشم لأن أكثرهم من الأنصار ، ولو استحقتا بالقرابة شيئا لا يجوز منعهما إياه لما منعهما حقهما ولا عدل بهما إلى غيرهما ؛ وفي هذا دليل على معنيين :
أحدهما : أن سهمهم من الخمس أمره كان موكولا إلى رأي النبي صلى الله عليه وسلم في أن يعطيه من شاء منهم ، والثاني : أن إعطاءهم من الخمس أو منعه لا تعلق له بتحريم الصدقة .
وأما من قال إن قرابة النبي صلى الله عليه وسلم قريش كلها فإنه يحتج لذلك بأنه نزلت : وأنذر عشيرتك الأقربين بني فهر يا بني عدي يا بني فلان لبطون قريش إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد . وروي عنه أنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : يا يا بني كعب بن لؤي وأنه قال : يا بني هاشم يا بني قصي يا بني عبد مناف . وروي عنه أنه قال : لعلي بني هاشم وهم أربعون رجلا . قالوا : فلما ثبت أن اجمع لي قريشا كلها من أقربائه وكان إعطاء السهم من الخمس موكولا إلى رأي النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه من كان له منهم نصرة دون غيرهم .
قال : اسم القرابة واقع على هؤلاء كلهم لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم إياهم عند نزول قوله تعالى : أبو بكر وأنذر عشيرتك الأقربين فثبت بذلك أن الاسم يتناول الجميع فقد : تعلق بذوي قربى النبي صلى الله عليه وسلم أحكام ثلاثة
أحدها : استحقاق سهم من الخمس بقوله تعالى : وللرسول ولذي القربى وهم الفقراء منهم على الشرائط التي قدمنا ذكرها عن المختلفين فيها ، والثاني : تحريم الصدقة عليهم وهم آل وآل علي وآل العباس عقيل وآل جعفر وولد الحارث بن عبد المطلب ، وهؤلاء هم أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ولا حظ لبني المطلب في هذا الحكم لأنهم ليسوا أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ولو كانوا من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لكانت بنو أمية من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ومن آله ، ولا خلاف أنهم ليسوا كذلك فكذلك بنو المطلب لمساواتهم إياه في نسبهم من النبي صلى الله عليه وسلم ؛ والثالث : تخصيص الله تعالى لنبيه بإنذار عشيرته الأقربين ؛ فانتظم ذلك بطون قريش كلها على ما ورد به الأثر في إنذاره إياهم عند نزول الآية ، وإنما خص عشيرته الأقربين بالإنذار لأنه أبلغ عند نزول الآية في الدعاء إلى الدين وأقرب إلى نفي المحاباة والمداهنة في الدعاء إلى الله عز وجل ؛ لأن سائر الناس إذا علموا أنه لم يحتمل عشيرته على عبادة غير الله وأنذرهم ونهاهم أنه أولى بذلك منهم ؛ إذ لو جازت المحاباة في ذلك لأحد لكانت أقرباؤه أولى الناس بها .