قوله تعالى : وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله قيل : إنه أراد فرقة من اليهود قالت ذلك ؛ والدليل على ذلك أن اليهود قد سمعت ذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فلم تنكره ، وهو كقول القائل : الخوارج ترى الاستعراض وقتل الأطفال ، والمراد فرقة منهم لا جميعهم ؛ وكقولك : جاءني بنو تميم ، والمراد بعضهم . قال : { قال ذلك جماعة من ابن عباس اليهود جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا ذلك ، وهم سلام بن مشكم ، ونعمان بن أوفى ، وشاس بن قيس ، ومالك بن الصيف ، فأنزل الله تعالى هذه الآية } ، وليس في اليهود من يقول ذلك الآن فيما نعلم ، وإنما كانت فرقة منهم قالت ذلك فانقرضت . قوله تعالى : يضاهئون قول الذين كفروا من قبل يعني يشابهونهم ، ومنه امرأة ضهياء للتي لا تحيض ؛ لأنها أشبهت الرجال من هذا الوجه فساوى المشركين الذين جعلوا الأصنام شركاء لله سبحانه وتعالى ؛ لأن هؤلاء جعلوا المسيح وعزيرا اللذين هما خلقان لله ولدين له وشريكين ، كما جعل أولئك الأصنام المخلوقة شركاء لله تعالى . قال : ابن عباس الذين كفروا من قبل يعني به عبدة الأوثان الذين عبدوا اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى . وقيل : إنهم يضاهئونهم لأن أولئك قالوا : الملائكة بنات الله ، وقال هؤلاء : عزير ومسيح ابنا الله . وقيل : يضاهئونهم في تقليد أسلافهم . وقوله تعالى : ذلك قولهم بأفواههم يعني أنه لا يرجع إلى معنى صحيح ، ولا حقيقة له ، ولا محصول أكثر من وجوده في أفواههم . وقوله : قاتلهم الله قال : لعنهم الله ، وقيل : إن معناه قتلهم الله ، كقولهم عافاه الله أي أعفاه الله من السوء . وقيل : إنه جعل كالقاتل لغيره في عداوة الله عز وجل ابن عباس