وقوله : خذ من أموالهم عموم في سائر أصناف الأموال ومقتض لأخذ البعض منها ، إذ كانت من مقتضى التبعيض ، وقد دخلت على عموم الأموال فاقتضت إيجاب . ومن الناس من يقول : إنه متى أخذ من صنف واحد فقد قضى عهدة الآية ، والصحيح عندنا هو الأول ، وكذلك كان يقول شيخنا الأخذ من سائر أصناف الأموال بعضها . أبو الحسن الكرخي
قال : وقد ذكر الله تعالى إيجاب فرض الزكاة في مواضع من كتابه بلفظ مجمل مفتقر إلى البيان في المأخوذ ، والمأخوذ منه ومقادير الواجب ، والموجب فيه ووقته وما يستحقه وما ينصرف فيه ، فكان لفظ الزكاة مجملا في هذه الوجوه كلها أبو بكر
وقال تعالى : خذ من أموالهم صدقة فكان الإجمال في لفظ الصدقة دون لفظ الأموال ؛ لأن الأموال اسم عموم في مسمياته ، إلا أنه قد ثبت أن المراد خاص في بعض الأموال دون جميعها ، والوجوب في وقت من الزمان دون سائره ، ونظيره قوله تعالى : في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم [ ص: 357 ] وكان مراد الله تعالى في جميع ذلك موكولا إلى بيان الرسول صلى الله عليه وسلم وقال تعالى : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا قال : حدثنا أبو داود محمد بن بشار قال : حدثني محمد بن عبد الله الأنصاري قال : حدثنا صرد بن أبي المنازل قال : سمعت حبيبا المالكي قال : قال رجل لعمران بن حصين : يا أبا نجيد إنكم لتحدثوننا بأحاديث ما نجد لها أصلا في القرآن فغضب عمران وقال للرجل : أوجدتم في كل أربعين درهما درهما ومن كل كذا وكذا شاة شاة ومن كذا وكذا بعيرا كذا وكذا أوجدتم هذا في القرآن ؟ قال : لا قال : فعمن أخذتم هذا ؟ أخذتموه عنا وأخذناه عن نبي الله صلى الله عليه وسلم وذكر أشياء نحو هذا فمما نص الله تعالى عليه من أصناف الأموال التي تجب فيها الزكاة الذهب ، والفضة بقوله : والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم فنص على وجوب الحق فيهما بأخص أسمائهما تأكيدا وتبيينا
ومما نص عليه زكاة الزرع والثمار في قوله : وهو الذي أنشأ جنات معروشات إلى قوله : كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده الذهب ، والفضة وعروض التجارة ، والإبل ، والبقر ، والغنم السائمة ، والزرع والثمر على اختلاف من الفقهاء في بعض ذلك ، وقد ذكر بعض صدقة الزرع ، والثمر في سورة الأنعام . فالأموال التي تجب فيها الزكاة
وأما المقدار ، فإن نصاب الورق مائتا درهم ، ونصاب الذهب عشرون دينارا ، وقد روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما الإبل ، فإن نصابها خمس منها ، ونصاب الغنم أربعون شاة ، ونصاب البقر ثلاثون .
وأما ففي الذهب ، والفضة وعروض التجارة ربع العشر إذا بلغ النصاب وفي خمس من الإبل شاة وفي أربعين شاة شاة وفي ثلاثين بقرة تبيع ، وقد اختلف في المقدار الواجب وسنذكره بعد هذا إن شاء الله ، وأما الوقت فهو صدقة الخيل ، وأما حول الحول على المال مع كمال النصاب في ابتداء الحول وآخره فهو أن يكون المالك حرا بالغا عاقلا مسلما صحيح الملك لا دين عليه يحيط بماله ، أو بما لا يفضل عنه مائتا درهم حدثنا من تجب عليه محمد بن بكر قال : حدثنا قال : حدثنا أبو داود قال : قرأت على القعنبي عن مالك بن أنس عمرو بن يحيى المازني عن أبيه قال : سمعت يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبا سعيد الخدري وحدثنا ليس فيما دون خمس ذود صدقة ، وليس فيما دون خمس أواق صدقة وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة محمد بن بكر قال : حدثنا قال : حدثنا أبو داود سليمان بن داود المهري قال : أخبرنا ابن [ ص: 358 ] وهب قال : أخبرني عن جرير بن حازم أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة ، والحارث الأعور عن عن النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب
قال : فإذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم ، وليس عليك شيء في الذهب حتى يكون لك عشرون دينارا ، فإذا كانت لك عشرون دينارا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار ، وليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول
وهذا الخبر في الحول ، وإن كان من أخبار الآحاد ، فإن الفقهاء قد تلقته بالقبول واستعملوه فصار في حيز المتواتر الموجب للعلم ، وقد روي عن في رجل ملك نصابا : " أنه يزكيه حين يستفيده " وقال ابن عباس أبو بكر وعلي وعمر وابن عمر " لا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول ولما اتفقوا على أنه لا زكاة عليه بعد الأداء حتى يحول عليه الحول علمنا أن وعائشة ، وقد استعمل وجوب الزكاة لم يتعلق بالمال دون الحول وأنه بهما جميعا يجب خبر الحول بعد الأداء ولم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بينه قبل الأداء وبعده بل نفى إيجاب الزكاة في سائر الأموال نفيا عاما إلا بعد حول الحول فوجب استعماله في كل نصاب قبل الأداء وبعده ومع ذلك يحتمل أن لا يكون ابن عباس أراد إيجاب الأداء بوجود ملك النصاب وأنه أراد جواز تعجيل الزكاة ؛ لأنه ليس في الخبر ذكر الوجوب . ابن عباس
واختلف فروي عن فيما زاد على المائتين من الورق علي فيما زاد على المائتين بحسابه وهو قول وابن عمر أبي يوسف ومحمد ومالك . والشافعي
وروي عن أنه لا شيء في الزيادة حتى تبلغ أربعين درهما وهو قول عمر ويحتج من اعتبر الزيادة أربعين بما روى أبي حنيفة عن عبد الرحمن بن غنم عن النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل وليس فيما زاد على المائتي الدرهم شيء حتى يبلغ أربعين درهما
وحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم علي هاتوا زكاة الرقة من كل أربعين درهما درهما ، وليس فيما دون خمس أواق صدقة فوجب استعمال قوله على أنه جعله مقدار الواجب فيه كقوله صلى الله عليه وسلم في كل أربعين درهما درهم ويدل عليه من جهة النظر أن هذا مال له نصاب في الأصل فوجب أن يكون له عفو بعد النصاب كالسوائم ، ولا يلزم وإذا كثرت الغنم ففي كل مائة شاة شاة ذلك في زكاة الثمار ؛ لأنه لا نصاب له في الأصل عنده أبا حنيفة وأبو يوسف لما كان عندهما أن لزكاة الثمار نصابا في الأصل ثم لم يجب اعتبار مقدار بعده بل الواجب في القليل ، والكثير ، كذلك الدراهم والدنانير ولو سلم لهما ذلك كان قياسه على السوائم ، أولى منه على الثمار ؛ لأن السوائم يتكرر وجوب الحق فيها بتكرر السنين [ ص: 359 ] وما تخرج الأرض لا يجب فيه الحق إلا مرة واحدة ومرور الأحوال لا يوجب تكرار وجوب الحق فيه ومحمد
فإن قيل : فواجب أن يكون ما يتكرر وجوب الحق فيه ، أولى بوجوبه في قليل ما زاد على النصاب وكثيره مما لا يتكرر وجوب الحق فيه . قيل له : هذا منتقض بالسوائم ؛ لأن الحق يتكرر وجوبه فيها ولم يمنع ذلك اعتبار العفو بعد النصاب ، ومما يدل على أن قياسه على السوائم ، أولى من قياسه على ما تخرجه الأرض أن الدين لا يسقط العشر ، وكذلك موت رب الأرض ويسقط زكاة الدراهم والسوائم ، فكان قياسها عليها ، أولى منه على ما تخرجه الأرض .
واختلف ، فقال فيما زاد من البقر على أربعين : " فيما زاد بحسابه " وقال أبو حنيفة أبو يوسف : " لا شيء فيه حتى يبلغ ستين " وروى ومحمد أسد بن عمر عن مثل قولهما . أبي حنيفة
وقال ابن أبي ليلى ومالك والثوري والأوزاعي والليث كقول والشافعي أبي يوسف . ويحتج ومحمد بقوله تعالى : لأبي حنيفة خذ من أموالهم صدقة وذلك عموم في سائر الأموال ، لا سيما ، وقد اتفق الجميع على أن هذا المال داخل في حكم الآية مراد بها ، فوجب في القليل ، والكثير بحق العموم ، وقد روى عنه أنه لا شيء في الزيادة حتى تبلغ خمسين فتكون فيها مسنة وربع مسنة ، ويحتج لقوله المشهور أنه لا يخلو من إثبات الوقص تسعا فينتقل إليه بالكسر ، وليس ذلك في فروض الصدقات ، أو بجعل الوقص تسعة عشر فيكون خلاف ، أوقاص البقر ، فلما بطل هذا ، وهذا ثبت القول الثالث وهو إيجابه في القليل ، والكثير من الزيادة الحسن بن زياد
وروي عن سعيد بن المسيب وأبي قلابة والزهري أنهم كانوا يقولون : " في خمس من البقر شاة " ، وهو قول شاذ لاتفاق أهل العلم على خلافه وورود الآثار الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ببطلانه . وقتادة
وروى عاصم بن ضمرة عن : في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه " ، وقد أنكره علي وقال : سفيان الثوري أعلم من أن يقول هذا ، هذا من غلط الرجال . وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بالآثار المتواترة أن فيها ابنة مخاض ، ويجوز أن يكون علي أخذ خمس شياه عن قيمة بنت مخاض فظن الراوي أن ذلك فرضها عنده . علي بن أبي طالب
واختلف في ، فقال أصحابنا جميعا : " تستقبل الفريضة " وهو قول الزيادة على العشرين ومائة من الإبل . وقال الثوري عن ابن القاسم : " إذا زادت على عشرين ومائة واحدة فالمصدق بالخيار إن شاء أخذ ثلاث بنات لبون ، وإن شاء حقتين " . وقال مالك : إذا زادت واحدة ففيها ثلاث بنات لبون إلى أن [ ص: 360 ] تبلغ ثلاثين ومائة فتكون فيها حقة وابنتا لبون " ، يتفق قول ابن شهاب ابن شهاب في هذا ويختلفان فيما بين واحد وعشرين ومائة إلى تسع وعشرين ومائة . ومالك
وقال الأوزاعي : " ما زاد على العشرين ، والمائة ففي كل أربعين بنت لبون ، وفي كل خمسين حقة " قال والشافعي : قد ثبت عن أبو بكر رضي الله عنه من مذهبه استئناف الفريضة بعد المائة ، والعشرين بحيث لا يختلف فيه ، وقد ثبت عنه أيضا أنه أخذ أسنان الإبل عن النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل فقيل له : هل عندكم شيء من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : ما عندنا إلا ما عند الناس ، وهذه الصحيفة ، فقيل له : وما فيها ؟ فقال : فيها أسنان الإبل أخذتها عن النبي صلى الله عليه وسلم علي
ولما ثبت قول علي باستئناف الفريضة وثبت أنه أخذ أسنان الإبل عن النبي صلى الله عليه وسلم صار ذلك توقيفا ؛ لأنه لا يخالف النبي صلى الله عليه وسلم وأيضا قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكتاب الذي كتبه لعمرو بن حزم استئناف الفريضة بعد المائة ، والعشرين .
وأيضا غير جائز إثبات هذا الضرب من المقادير إلا من طريق التوقيف ، أو الاتفاق ، فلما اتفقوا على وجوب الحقتين في المائة ، والعشرين عند الزيادة لم يجز لنا إسقاط الحقتين ؛ لأنهما فرض قد ثبت بالنقل المتواتر واتفاق الأمة إلا بتوقيف ، أو اتفاق . فإن قيل : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في آثار كثيرة : . قيل له : قد اختلفت ألفاظه ، فقال في بعضها : وإذا زادت الإبل على مائة وعشرين ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين ابنة لبون ومعلوم أن الإبل لا تكثر بزيادة الواحدة ، فعلم أنه لم يرد بقوله : " وإذا زادت الإبل " إلا زيادة كثيرة يطلق على مثلها أن الإبل قد كثرت بها ، ونحن قد نوجب ذلك عند ضرب من الزيادة الكثيرة وهو أن تكون الإبل مائة وتسعين فتكون فيها ثلاث حقاق وبنت لبون . وإذا كثرت الإبل
وأيضا فموجب تغيير الفرض بزيادة الواحد لا يخلو من يغيره بالواحدة الزائدة فيوجب فيها وفي الأصل ، أو يغيره فيوجب في المائة ، والعشرين ولا يوجب في الواحدة الزائدة شيئا ، فإن أوجب في الزيادة مع الأصل ثلاث بنات لبون فهو لم يوجب في الأربعين ابنة لبون ، وإنما أوجبها في أربعين وفي الواحدة ، وذلك خلاف قوله صلى الله عليه وسلم .
وإن كان إنما يوجب تغيير الفرض بالواحدة فيجعل ثلاث بنات لبون في المائة ، والعشرين ، والواحدة عفو فقد خالف الأصول ، إذ كان العفو لا يغير الفرض
واختلف في ، فقال أصحابنا فرائض الغنم ومالك والثوري والأوزاعي والليث : " في مائتين وشاة ثلاث شياه إلى أربعمائة فتكون فيها أربع شياه " . والشافعي
وقال [ ص: 361 ] : " إذا كانت الغنم ثلاثمائة شاة وشاة ففيها أربع شياه ، وإذا كانت أربعمائة شاة وشاة ففيها خمس شياه " ، وروى الحسن بن صالح إبراهيم نحو ذلك ، وقد ثبتت آثار مستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالقول الأول دون قول . الحسن بن صالح
واختلف في ، فقال أصحابنا صدقة العوامل من الإبل ، والبقر والثوري والأوزاعي والحسن بن صالح : " ليس فيها شيء " . وقال والشافعي مالك : " فيها صدقة " . والليث
والحجة للقول الأول ما حدثنا قال : حدثنا عبد الباقي بن قانع حسن بن إسحاق التستري قال : حدثنا حمويه قال : حدثنا سوار بن مصعب عن عن ليث عن طاوس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ابن عباس . ليس في البقر العوامل صدقة
وحدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي زهير قال : حدثنا أبو إسحاق عن عاصم بن ضمرة وعن الحارث الأعور عن رضي الله عنه قال علي زهير : أحسبه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : وأيضا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : وفي البقر في كل ثلاثين تبيع ، وفي الأربعين مسنة ، وليس على العوامل شيء . ليس في النخة ولا في الكسعة ولا في الجبهة صدقة
وقال أهل اللغة : النخة البقر العوامل ، والكسعة الحمير ، والجبهة الخيل . وأيضا فإن وجوب الصدقة فيما عدا الذهب ، والفضة متعلق بكونه مرصدا للنماء من نسلها ، أو من أنفسها ، والسائمة يطلب نماؤها إما من نسلها ، أو من أنفسها ، والعاملة غير مرصدة للنماء ، وهي بمنزلة دور الغلة وثياب البذلة ونحوها . وأيضا الحاجة إلى علم وجوب الصدقة في العوامل كهي إلى السائمة ، فلو كان من النبي صلى الله عليه وسلم توقيف في إيجابها في العاملة لورد النقل به متواترا في وزن وروده في السائمة ، فلما لم يرد بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة نقل مستفيض علمنا أنه لم يكن من النبي صلى الله عليه وسلم توقيف في إيجابها ، بل قد وردت آثار عن النبي صلى الله عليه وسلم في نفي الصدقة عنها ، منها ما قدمناه ومنها ما روى يحيى بن أيوب عن المثنى بن الصباح عن أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عمرو بن دينار . ليس في ثور المثيرة صدقة
وروي عن علي وجابر بن عبد الله وإبراهيم ومجاهد وعمر بن عبد العزيز نفي صدقة البقر العوامل ، ويدل عليه حديث والزهري أنس كتابا في الصدقات : هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين ، فمن سئلها من المؤمنين على وجهها فليعطها ومن سئل فوقها فلا يعطه صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين فيها شاة لأبي بكر الصديق ، فنفى بذلك الصدقة عن غير السائمة ؛ لأنه ذكر السائمة ونفى الصدقة عما عداها فإن قيل : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب وذلك عموم يوجب في السائمة وغيرها . قيل له : يخصه ما ذكرنا ، ولم يقل بقول في خمس [ ص: 362 ] من الإبل شاة في إيجابه الصدقة في البقر العوامل أحد قبله . مالك
فصل قال أصحابنا وعامة أهل العلم " في أربعين شاة مسان وصغار مسنة " وقال : " لا شيء فيها حتى تكون المسان أربعين ثم يعتد بعد ذلك بالصغار " ولم يسبقه إلى هذا القول أحد . الشافعي
وقد روى عاصم بن ضمرة عن عن النبي صلى الله عليه وسلم علي صدقات المواشي ، فقال فيه : ويعد صغيرها وكبيرها ولم يفرق بين النصاب وما زاد وأيضا الآثار المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ، ومتى اجتمع الصغار ، والكبار أطلق على الجميع الاسم فيقال : عنده أربعون شاة ، فاقتضى ذلك وجوبها في الصغار ، والكبار إذا اجتمعت وأيضا لم يختلفوا في في أربعين شاة شاة لوجود الكبار معها ، فكذلك حكم النصاب . الاعتداد بالصغار بعد النصاب
واختلف في ، فأوجب الخيل السائمة فيها إذا كانت إناثا ، أو ذكورا وإناثا في كل فرس دينارا ، وإن شاء قومها وأعطى عن كل مائتي درهم خمسة دراهم . وقال أبو حنيفة أبو يوسف ومحمد ومالك والثوري : " لا صدقة فيها " . والشافعي
وروى عروة السعدي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عن النبي صلى الله عليه وسلم : جابر ، وحديث في الخيل السائمة في كل فرس دينار عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبي صالح السمان أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الخيل وقال : هي ثلاثة : لرجل أجر ، ولآخر ستر ، وعلى رجل وزر فأما الذي هي له ستر فالرجل يتخذها تكرما وتجملا ، ولا ينسى حق الله في رقابها ولا في ظهورها
فأثبت في الخيل حقا ، وقد اتفقوا على سقوط سائر الحقوق سوى صدقة السوائم ، فوجب أن تكون هي المرادة ، فإن قيل : يجوز أن يريد زكاة التجارة . قيل له : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره فلم يوجب فيها شيئا ، ولو أراد زكاة التجارة لأوجبها في الحمير . قد سئل عن الحمير بعد ذكره الخيل فقال : ما أنزل الله علي فيها إلا الآية الجامعة :
فإن قيل : في المال حقوق سوى الزكاة ، فيجوز أن يكون أراد حقا غيرها ، والدليل عليه حديث عن الشعبي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : فاطمة بنت قيس ليس البر أن تولوا وجوهكم روى في المال حق سوى الزكاة وتلا قوله تعالى : عن سفيان عن أبي الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم جابر ، فجائز أن يكون الحق المذكور في الخيل مثل ذلك . قيل له : لو كان كذلك لما اختلف حكم الحمير ، والخيل ؛ [ ص: 363 ] لأن هذا الحق لا يختلفان فيه ، فلما فرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما دل على أنه لم يرد به ذلك وأنه إنما أراد الزكاة . أنه ذكر الإبل فقال : إن فيها حقا فسئل عن ذلك ، فقال : إطراق فحلها وإعارة دلوها ومنيحة سمينها
وعلى أنه قد روي أن الزكاة نسخت كل حق كان واجبا حدثنا قال : حدثنا عبد الباقي بن قانع حسن بن إسحاق التستري قال : حدثنا علي بن سعيد قال : حدثنا المسيب بن شريك عن عبيد المكتب عن عامر عن عن مسروق قال : نسخت الزكاة كل صدقة " وأيضا قد روي أن أهل الشام سألوا علي أن يأخذ الصدقة من خيلهم ، فشاور أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له عمر : " لا بأس ما لم تكن جزية عليهم " فأخذها منهم ، وهذا يدل على اتفاقهم على الصدقة فيها ؛ لأنه شاور الصحابة ، ومعلوم أنه لم يشاورهم في صدقة التطوع ، فدل على أنه أخذها واجبة بمشاورة الصحابة ، وإنما قال علي : " لا بأس ما لم تكن جزية عليهم " ؛ لأنه لا يؤخذ على وجه الصغار بل على وجه الصدقة علي
واحتج من لم يوجبها بحديث رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم علي ، وحديث عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق عن النبي صلى الله عليه وسلم أبي هريرة ، وهذا عند ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة على خيل الركوب ، ألا ترى أنه لم ينف صدقتها إذا كانت للتجارة بهذا الخبر ؟ . أبي حنيفة
واختلف في ، فقال زكاة العسل أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد : " إذا كان في أرض العشر ففيه العشر " . وقال والأوزاعي مالك والثوري والحسن بن صالح : " لا شيء فيه " وروي عن والشافعي مثله ، وروي عنه الرجوع عن ذلك ، وأنه أخذ منه العشر حين كشف عن ذلك وثبت عنده ما روي فيه وروى عمر بن عبد العزيز عن ابن وهب يونس عن أنه قال : " بلغني أن في العسل العشر " قال ابن شهاب : وأخبرني ابن وهب عن عمرو بن الحارث يحيى بن سعيد وربيعة بذلك . وقال يحيى : إنه سمع من يقول فيه العشر في كل عام بذلك مضت السنة .
قال : ظاهر قوله تعالى : أبو بكر خذ من أموالهم صدقة يوجب الصدقة في العسل ، إذ هو من ماله ، والصدقة إن كانت مجملة ، فإن الآية قد اقتضت إيجاب صدقة ما ، وإذا وجبت الصدقة كانت العشر إذ لا يوجب أحد غيره . ويدل عليه من جهة السنة ما حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا قال : حدثنا أبو داود أحمد بن أبي شعيب الحراني قال : حدثنا موسى بن أعين عن عمرو بن الحارث المصري عن عن أبيه عن جده قال : عمرو بن شعيب هلال أحد بني متعان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشور نحل له ، وسأله أن يحمي واديا له يقال له سلبة فحمى له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الوادي فلما ولي كتب عمر بن الخطاب سفيان بن وهب إلى يسأله عن ذلك ، فكتب [ ص: 364 ] عمر بن الخطاب إن أدى إليك ما كان يؤدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عشور نحله فاحم له سلبة وإلا ، فإنما هو ذباب غيث يأكله من يشاء عمر . جاء
وحدثنا قال : حدثنا عبد الباقي بن قانع عبد الله بن أحمد قال : حدثنا أبي قال : حدثنا عن وكيع سعيد بن عبد العزيز عن عن سليمان بن موسى أبي سيارة المتعي قال : وحدثنا قلت : يا رسول الله إن لي نحلا ، قال : أد العشر قال : فقلت : يا رسول الله احمها لي فحماها لي قال : حدثنا عبد الباقي محمد بن شاذان قال : حدثنا معلى قال : أخبرني عن عبد الله بن عمرو عبد الكريم عن قال : عمرو بن شعيب كتب إلينا يأمرنا أن نعطي زكاة العسل ونحن بالطواف العشر ، يسند ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن عبد العزيز .
وحدثنا قال : حدثنا عبد الباقي بن قانع محمد بن يعقوب إمام مسجد الأهواز قال : حدثنا عمر بن الخطاب السجستاني قال : حدثنا أبو حفص العبدي قال : حدثنا صدقة عن عن موسى بن يسار عن نافع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمر . ولما أوجب النبي صلى الله عليه وسلم في العسل العشر دل ذلك على أنه أجراه مجرى الثمر وما تخرجه الأرض مما يجب فيه العشر ، فقال أصحابنا : إذا كان في أرض العشر ففيه العشر ، وإذا كان في أرض الخراج فلا شيء فيه ؛ لأن الثمرة في أرض الخراج لا يجب فيها شيء ، وإذا كان في أرض العشر يجب فيها العشر ، فكذلك العسل . وقد استقصينا القول في هذه المسائل ونظائرها من مسائل الزكاة في شرح مختصر في كل عشرة أزقاق من العسل زق ، وإنما ذكرنا هنا جملا منها بما يتعلق الحكم فيه بظاهر الآية . أبي جعفر الطحاوي