[ ص: 209 ] باب : الأسارى
قال : وأما أبو عبيد فإن : أمر الأسارى في الفداء والمن والقتل
392 - حدثنا ، عن عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح علي بن أبي طلحة ، عن ، في قول الله عز وجل : ابن عباس ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض قال : " ذلك يوم بدر والمسلمون يومئذ قليل ، فلما كثروا واشتد سلطانهم أنزل الله عز وجل بعد هذا في الأسارى : فإما منا بعد وإما فداء فجعل الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين في الأسارى بالخيار إن شاءوا قتلوهم ، وإن شاءوا فادوهم ، وإن شاءوا استعبدوهم . شك في : استعبدوهم أبو عبيد
393 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، ابن مهدي ، كلاهما عن وحجاج بن محمد قال : سمعت سفيان يقول في قوله عز وجل : السدي فإما منا بعد وإما فداء قال : " هي منسوخة نسختها قوله عز وجل : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم .
394 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج
[ ص: 210 ] ، فيها قال : " هي منسوخة ، قد ابن جريج عقبة بن أبي معيط يوم بدر صبرا " قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم
395 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج ، عن شريك ، عن سالم قال : " يقتل أسرى المشركين ولا يفادون حتى يثخن فيهم القتل وقد قال : سعيد بن جبير حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء وفيه قول آخر
396 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج ، عن المبارك بن فضالة ، أنه " كره قتل الأسير ، وقال : من عليه أو فاده . الحسن
[ ص: 211 ]
397 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد ، عن حجاج ، عن ابن جريج مثل ذلك أيضا أو نحوه عطاء
398 - أخبرنا قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال : أخبرنا هشيم قال : سألت أشعث عن قتل الأسير ، فقال : " من عليه أو فاده " قال : وسألت عطاء ، فقال : " تصنع به ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسارى الحسن بدر يمن عليه أو يفادى .
قال : " فأرى العلماء قد اختلفت في تأويل آيات الأسارى ، ففي حديث أبو عبيد أن آية الفداء هي المحكمة الناسخة بقتلهم وإلى مذهبه ذهب ابن عباس ، وفي قول سعيد بن جبير السدي أن آية القتل هي المحكمة الناسخة للفداء والمن ، وإلى هذا ذهب وابن جريج الحسن " وعطاء
قال : " والقول عندنا أن الآيات جميعا محكمات لا منسوخ فيهن يبين ذلك ما كان من أحكام رسول الله صلى الله عليه وسلم الماضية فيهم وذلك أنه كان عاملا بالآيات كلها من القتل والفداء والمن حتى توفاه الله عز وجل على ذلك ، ولا نعلم نسخ منها شيء ، فكان أول أحكامه فيهم يوم أبو عبيد بدر ، فعمل بها كلها يومئذ ، بدأ بالقتل فقتل عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث في قفوله ، ثم قدم
[ ص: 212 ] المدينة ، فحكم في سائرهم بالفداء والمن ، ثم كان يوم الخندق إذ سارت إليه الأحزاب فقاتلهم حتى صرفهم الله عز وجل عنه ، وخرج إلى بني قريظة لممالأتهم لأنهم كانت للأحزاب فحاصرهم حتى نزلوا على حكم ، فحكم فيهم ، فقتل المقاتلة وسبى الذرية ، فصوب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيه وأمضى فيهم حكمه ومن على سعد بن معاذ الزبير بن باطا من بينهم لتكليم إياه فيه حتى كان ثابت بن قيس بن شماس الزبير هو المختار لنفسه القتل ، ثم كانت غزاة المريسيع ، وهي التي سبى فيها بني المصطلق رهط من جويرية بنت الحارث خزاعة ، فاستحياهم جميعا وأعتقهم فلم يقتل أحدا منهم علمناه ، ثم كانت خيبر ، فافتتح حصون عنوة بلا عهد ، فمن عليهم ولا نعلمه قتل أحدا منهم صبرا بعد فتحها ، ثم سار إلى بقية حصون خيبر الكثيبة والوطيحة وسلالم ، فأخذها أو أخذ بعضها صلحا على أن لا يكتمه آل أبي الحقيق شيئا من أموالهم ، فنكثوا العهد
[ ص: 213 ] وكتموه ، فاستحل بذلك دماءهم وضرب أعناقهم ولم يمن على أحد منهم ، ثم كان فتح مكة بعد هذا كله ، فأمر بقتل هلال بن خطل ، ومقيس بن صبابة ، ونفر سماهم ، وأطلق الباقين فلم يعرض لهم ، ثم كانت حنين فسبى فيها هوازن ومكث سبيهم في يديه أياما حتى قدم عليه وفدهم فوهبهم لهم من عند آخرهم امتنانا منه عليهم ، ثم كانت أمور كثيرة فيما بين هذه الأيام مضت فيها أحكامه الثلاثة من القتل والمن والفداء ، من ذلك قتله أبا عزة الجمحي يوم أحد وقد كان من عليه يوم بدر ، وفيها إطلاقه ثمامة بن أثال ، ومنها مفاداته بالمرأة الفزارية التي
[ ص: 214 ] سباها برجلين من المسلمين كانا أسيرين سلمة بن الأكوع بمكة قبل الفتح ، في أشياء كثيرة يطول بها الكتاب لم يزل صلى الله عليه وسلم قبل عاملا بها على ما أراه الله عز وجل من الأحكام التي أباحها له في الأسارى وجعل الخيار والنظر فيها إليه حتى قبضه الله عز وجل على ذلك صلى الله عليه وسلم ثم قام بعده رضي الله عنه ، فسار في أهل الردة بسيرته من القتل والمن ، فأما الفداء فلم يحتج إليه أبو بكر رضي الله عنه لأن الله عز وجل أظهر الإسلام على الردة حتى عاد أهلها مسلمين بالطوع والكره إلا من أباده القتل ، فكان ممن استحياه أبو بكر الصديق رضي الله عنه أبو بكر عيينة بن حصن الفزاري ، وقرة بن هبيرة القشيري ، وكان قدم بهما عليه موثقين ، فمن عليهما وأطلقهما ، وكذلك خالد بن الوليد بعث به إليه الأشعث بن قيس زياد بن لبيد الأنصاري موثقا ، وقد نزل على حكم رضي الله عنه ، فخلى أبي بكر
[ ص: 215 ] سبيله ومن عليه وأنكحه وكان ممن قتله رضي الله عنه في الردة الفجاءة في رجال من أبو بكر بني سليم ؛ وذلك لسوء آثارهم كان في المسلمين ، وبمثل ذلك كتب إلى يأمره باصطلام خالد بن الوليد بني حنيفة إن ظفر بهم ، وكتب إلى زياد بن لبيد والمهاجر بن أبي أمية بالمن على كندة الذين حوصروا بحصن النجير ، ثم لم تزل الخلفاء على مثل ذلك "
قال : " وعليه الأمر عندنا في الأسارى أنه لم ينسخ من أحكامهم شيء ولكن للإمام ، يخير في الذكور والمدركين بين أربع خلال وهي : القتل أبو عبيد
[ ص: 216 ] والاسترقاق ، والفداء والمن ، إذا لم يدخل بذلك ميل بهوى في العفو ولا طلب الذحل في العقوبة ولكن على النظر للإسلام وأهله