أبو عبد الله القرطبي المالكي لما ذكر اختلاف الناس في تفسير "الاستواء". قال: "وأظهر الأقوال ما تظاهرت عليه الآي والأخبار، والفضلاء الأخيار: أن الله على عرشه، كما أخبر في كتابه، وعلى لسان نبيه، بلا كيف، بائن من جميع خلقه. هذا مذهب السلف الصالح فيما نقل عنهم الثقات". وقال
[ ص: 259 ] وقال أيضا في كتابه الكبير في التفسير لما تكلم على آية الاستواء، قال: "هذه مسألة الاستواء، وللعلماء فيها كلام وأجزاء، وقد بينا أقوال العلماء فيها في "شرح الأسماء الحسنى"، وذكرنا فيها أربعة عشر قولا". وذكر قول النفاة من المتكلمين، فقال: وأنهم يقولون: "إذا وجب تنزيه الرب عن الحيز، فمن ضرورة ذلك ولواحقه له تنزيه الرب عن الجهة، فليس بجهة فوق عندهم، لأنه يلزم من ذلك عندهم متى اختص بجهة أن يكون في مكان وحيز، ويلزم على المكان والحيز الحركة والسكون، ويلزم من ذلك التغير والحدوث".
وذكر أقوال هؤلاء المتكلمين، وقال: "قد كان السلف الأول لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى، كما نطق كتابه وأخبرت رسله، ولم ينكر أحد من السلف [ ص: 260 ] الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة، وإنما جهلوا كيفية الاستواء".