وكانت الكتب الإلهية قد جاءت بإثبات صفات الكمال على وجه التفصيل، مع تنزيهه عن أن يكون له فيها مثيل، بل يثبتون له الأسماء والصفات، وينفون عنه مماثلة المخلوقات، ويأتون بإثبات مفصل ونفي مجمل، فيثبتون أن الله حي، عليم، قدير، سميع، بصير، غفور، رحيم، ودود، إلى غير ذلك من الصفات، ويثبتون مع ذلك أنه لا ند له، ولا مثل له، ولا كفو له، ولا سمي له. وقول المعطلة لما كان أبعد عن الحق من قول المجسمة، كانت حجج أهل التعطيل أضعف من حجج أهل التجسيم، ولما كان مرض التعطيل أعظم، كان عناية الكتب الإلهية بالرد على أهل التعطيل أعظم،
ويقول تعالى: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [سورة الشورى: 11]، ففي قوله: ليس كمثله شيء رد على أهل التمثيل، وفي قوله: وهو السميع البصير رد على أهل التعطيل.
ولهذا قيل: الممثل يعبد صنما والمعطل يعبد عدما.