وأما أهل الكلام فقد ذكر هذا في كتاب المقالات عن غير واحد من أئمة الكلام غير الأشعري الكرامية، ولم يذكر للكرامية شيئا انفردوا به إلا قولهم في الإيمان، بل ذكر عن هشام بن الحكم وغيره من الشيعة أنهم يصفونه بالحركة والسكون ونحو ذلك، وأن وأن المتأخرين منهم هم الذين قالوا في التوحيد بقول عامة القدماء من الشيعة كانوا يقولون بالتجسيم أعظم من قول الكرامية، المعتزلة، بل ذكر عنهم تجدد الصفات من العلم والسمع والبصر، والناس قد حكوا هشام أنهما يقولان بحدوث العلم، وهذا رأس المعطلة وهذا رأس الشيعة، لكن جهم كان يقول بحدوث العلم في غير ذاته، وهشام يقول بحدوثها في ذاته، وحكى الأشعري تجدد العلم له عن جمهور [ ص: 332 ] الإمامية. والجهم عن
وحكى عنهم إثبات الحركة به، وأن كلهم يقولون بذلك إلا شرذمة منهم، وذكر عن هشام بن الحكم وهشام بن الجواليقي وأبي مالك الحضرمي وعلي بن ميثم وغيرهم أنهم يقولون إرادته حركة، وهل يقال: إنها غيره أم لا؟ على قولين لهم، وذكر عن طائفة أنهم يقولون: يعلم الأشياء قبل كونها، إلا أعمال العباد، فإنه لا يعلمها إلا في حال كونها، وهذا قول غلاة القدرية، كمعبد الجهني وأمثاله، وهو أحد قولي عمرو بن عبيد.
وذكر زهير الأثري أنه كان يقول: إن الله ليس بجسم ولا محدود، ولا يجوز عليه الحلول والمماسة، ويزعم أن الله تعالى يجيء يوم القيامة كما قال [ ص: 333 ] تعالى: وجاء ربك والملك صفا صفا [ سورة الفجر: 22]، ويزعم أن القرآن كلام الله محدث غير مخلوق". عن
قال: "وكان أبو معاذ التومني يوافق زهيرا في أكثر قوله، ويخالفه في القرآن، ويزعم أن كلام الله: حدث غير محدث ولا مخلوق، وهو قائم بالله لا في مكان، وكذلك قوله في محبته وإرادته أيضا".
قال زهير: كلام الله حدث وليس بمحدث، وفعل وليس بمفعول، وامتنع أن يزعم أنه خلق، ويقول: ليس بخلق ولا مخلوق، وإنه قائم بالله، ومحال أن يتكلم الله بكلام قائم بغيره، كما يستحيل أن يتحرك بحركة قائمة بغيره، وكذلك يقول في إرادة الله ومحبته وبغضه: إن ذلك أجمع قائم بالله.
قال "وبلغني عن بعض المتفقهة أنه كان يقول: إن الله لم يزل متكلما، بمعنى أنه يزل قادرا على الكلام، ويقول: إن كلام الله محدث غير مخلوق". قال: "وهذا قول الأشعري: داود الأصبهاني". قال: زهير، ومن قال: إنه حدث كنحو أبي معاذ التومني - يقولون: إن القرآن ليس بجسم ولا عرض". "وكل القائلين بأن القرآن غير مخلوق، كنحو عبد الله بن كلاب، [ ص: 334 ] ومن قال إنه محدث كنحو