الرابع: أن يقال على سبيل الفرض: لو نازعك بعض إخوانك الفلاسفة في امتناع مركب قديم من ذاته لم يكن لك عليه حجة، فلو قدر أن ذلك يستلزم مركبا قديما من ذاته، لم يكن لك على أصول [ ص: 436 ] إخوانك الفلاسفة حجة على إبطال هذا، فإن الفلك عندكم جسم قديم، وهو مركب بهذا الاصطلاح.
وأما قولك: «الفلاسفة وإن جوزوا أعراضا قديمة فغير ممكن وجود قديم من ذاته عندهم، لأن التركيب شرط في وجوده، ولا يمكن أن تكون الأجزاء هي فاعلة للتركيب، لأن التركيب شرط في وجودها».
فيقال لك: وإن كانا غنيين عن الفاعل لم يفتقر أحدهما إلى الفاعل. والكلام على تقدير أن يكون المركب قديما تركيبه بنفسه. وقولك مركب من نفسه، لا تعني به أن أجزاءه فعلت التركيب، وإنما تعني به أن نفس الأجزاء متلازمان وهما مستغنيان عن غيرهما. إذا كان التركيب شرطا في وجودها وهي شرط في وجود التركيب، لم يكن أحدهما فاعلا للآخر، بل إن كانا مفتقرين إلى الفاعل، ففاعل الأجزاء هو فاعل التركيب،