وأما ثم الأحكام التي يثبتونها لا يجوز أن يراد بها مجرد حكمنا بأنه عالم قادر، واعتقادنا لذلك، وخبرنا عنه، وهو الوصف بالقول، فإن هذا الوصف والحكم: إن لم يكن مطابقا لمضمونه كان باطلا، فكونه حيا عالما قادرا ليس هو مجرد الحكم بذلك، والخبر عنه، ووصفه بالقول، ولا هو نفس الذات التي هي العالمة القادرة، فإن كون الذات حية عالمة قادرة ليس هو نفس الذات، فتعين أن يكون هو الصفة. النفاة فيسلمون ثبوت الأحكام، وهي أنه عالم قادر، وينازعون في ثبوت الصفات، ويتنازعون بينهم في ثبوت الأحوال،
وأئمة المعتزلة يعترفون بذلك، لكن يشنعون على الصفاتية بكلام لم يحققوا قولهم فيه، بل ذكروا عنهم ما يفهم منه معنى فاسد، إما لكونهم لم يفهموا قول أولئك، أو لكونهم ألزموهم ما ظنوه لازما لهم، أو لنوع من الهوى الموجب للافتراق الذي ذمه الله ورسوله.