الآية الثامنة والستون : قوله تعالى : { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون } وفيها مسألتان :
المسألة الأولى : قوله تعالى : { فإن طلقها فلا تحل له من بعد } قال : تحل سعيد بن المسيب للأول بمجرد العقد من الثاني وإن لم يطأها الثاني ; لظاهر قوله تعالى : { المطلقة ثلاثا فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } والنكاح العقد .
[ ص: 268 ] قال : وهذا لا يصح من وجهين : أحدهما أن يقال له : بل هو الوطء ، ولفظ النكاح قد ورد بهما في كتاب الله تعالى جميعا ، فما باله خصصه هاهنا بالعقد .
فإن قيل : فأنتم لا تقولون به ; لأنه شرط الإنزال وأنتم لا تشترطونه إنما شرط ذوق العسيلة ، وذلك يكون بالتقاء الختانين ، هذا لباب كلام علمائنا . قال القاضي : ما مر بي في الفقه مسألة أعسر منها ; وذلك أن من أصول الفقه أن الحكم هل يتعلق بأوائل الأسماء أو بأواخرها ؟ وقد بينا ذلك في أصول الفقه ، وفي بعض ما تقدم .
فإنا قلنا : إن الحكم يتعلق بأوائل الأسماء لزمنا مذهب . سعيد بن المسيب
وإن قلنا : إن الحكم يتعلق بأواخر الأسماء لزمنا أن نشترط الإنزال مع مغيب الحشفة في الإحلال ، لأنه آخر ذوق العسيلة ، ولأجل ذلك لا يجوز له أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها ; فصارت المسألة في هذا الحد من الإشكال ، وأصحابنا يهملون ذلك ويمحون القول عليه ، وقد حققناها في مسائل الخلاف .