( قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون  فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما   ( 16 ) ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما   ( 17 ) ) 
اختلف المفسرون في هؤلاء القوم الذين يدعون إليهم ، الذين هم أولو بأس شديد ، على أقوال : 
أحدها : أنهم هوازن   . رواه شعبة  عن أبي بشر  ، عن سعيد بن جبير   - أو عكرمة  ، أو جميعا - ورواه هشيم  عن أبي بشر  ، عنهما . وبه يقول قتادة  في رواية عنه . 
الثاني : ثقيف ، قاله الضحاك   . 
الثالث : بنو حنيفة ،  قاله جويبر   . ورواه محمد بن إسحاق  ، عن الزهري   . وروي مثله عن سعيد  وعكرمة . 
 الرابع : هم أهل فارس   . رواه علي بن أبي طلحة  ، عن ابن عباس  ، وبه يقول عطاء  ، ومجاهد  ، وعكرمة   - في إحدى الروايات عنه . 
وقال كعب الأحبار   : هم الروم .  وعن  ابن أبي ليلى  ،  وعطاء  ، والحسن  ، وقتادة   : هم فارس  والروم   . وعن مجاهد   : هم أهل الأوثان . وعنه أيضا : هم رجال أولو بأس شديد ، ولم يعين فرقة . وبه يقول  ابن جريج  ، وهو اختيار ابن جرير   . 
وقال ابن أبي حاتم   : حدثنا الأشج  ، حدثنا عبد الرحمن بن الحسن القواريري  ، عن معمر  ، عن  [ ص: 339 ] الزهري  ، في قوله : ( ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد   ) قال : لم يأت أولئك بعد . 
وحدثنا أبي ، حدثنا  ابن أبي عمر  ، حدثنا سفيان  ، عن ابن أبي خالد  ، عن أبيه ، عن  أبي هريرة  في قوله : ( ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد   ) قال : هم البارزون . 
قال : وحدثنا سفيان  ، عن الزهري  ، عن  سعيد بن المسيب  ، عن  أبي هريرة  ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما صغار الأعين  ، ذلف الآنف ، كأن وجوههم المجان المطرقة  " . قال سفيان   : هم الترك   . 
قال  ابن أبي عمر   : وجدت في مكان آخر : ابن أبي خالد  عن أبيه قال : نزل علينا  أبو هريرة  ففسر قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " تقاتلون قوما نعالهم الشعر  " قال : هم البارزون ، يعني الأكراد   . 
وقوله : ( تقاتلونهم أو يسلمون   ) يعني : يشرع لكم جهادهم وقتالهم ، فلا يزال ذلك مستمرا عليهم ، ولكم النصرة عليهم ، أو يسلمون فيدخلون في دينكم بلا قتال بل باختيار . 
ثم قال : ( فإن تطيعوا   ) أي : تستجيبوا وتنفروا في الجهاد وتؤدوا الذي عليكم فيه ، ( يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل   ) يعني : زمن الحديبية ،  حيث دعيتم فتخلفتم ، ( يعذبكم عذابا أليما   ) 
ثم ذكر الأعذار في ترك الجهاد  ، فمنها لازم كالعمى والعرج المستمر ، وعارض كالمرض الذي يطرأ أياما ثم يزول ، فهو في حال مرضه ملحق بذوي الأعذار اللازمة حتى يبرأ . 
ثم قال تعالى مرغبا في الجهاد وطاعة الله ورسوله : ( ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول   ) أي : ينكل عن الجهاد ، ويقبل على المعاش ( يعذبه عذابا أليما   ) في الدنيا بالمذلة ، وفي الآخرة بالنار . 
				
						
						
