( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة  فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا   ( 18 ) ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما   ( 19 ) ) 
يخبر تعالى عن رضاه عن المؤمنين الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة ، وقد تقدم ذكر عدتهم ، وأنهم كانوا ألفا وأربعمائة ، وأن الشجرة كانت سمرة بأرض الحديبية   . 
 [ ص: 340 ] قال  البخاري   : حدثنا محمود  ، حدثنا عبيد الله  ، عن إسرائيل  ، عن طارق بن عبد الرحمن  قال : انطلقت حاجا فمررت بقوم يصلون ، فقلت ما هذا المسجد ؟ قالوا : هذه الشجرة ، حيث بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيعة الرضوان ، فأتيت  سعيد بن المسيب  فأخبرته ، فقال سعيد   : حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة . قال : فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها ، فقال سعيد : إن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - لم يعلموها وعلمتموها أنتم ، فأنتم أعلم  . 
وقوله : ( فعلم ما في قلوبهم   ) أي : من الصدق والوفاء ، والسمع والطاعة ، ( فأنزل السكينة   ) : وهي الطمأنينة ، ( عليهم وأثابهم فتحا قريبا   ) : وهو ما أجرى الله على أيديهم من الصلح بينهم وبين أعدائهم ، وما حصل بذلك من الخير العام المستمر المتصل بفتح خيبر  وفتح مكة ،  ثم فتح سائر البلاد والأقاليم عليهم ، وما حصل لهم من العز والنصر والرفعة في الدنيا والآخرة ; ولهذا قال : ( ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما   ) 
قال ابن أبي حاتم   : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان  ، حدثنا  عبيد الله بن موسى  ، أخبرنا موسى  ، أخبرنا موسى - يعني ابن عبيدة   - حدثني إياس بن سلمة  ، عن أبيه ، قال : بينما نحن قائلون . إذ نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أيها الناس ، البيعة البيعة ، نزل روح القدس . قال : فثرنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه ، فذلك قول الله تعالى : ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة   ) [ قال ] : فبايع لعثمان بإحدى يديه على الأخرى ، فقال الناس : هنيئا لابن عفان ، طوف بالبيت ونحن هاهنا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لو مكث كذا كذا سنة ما طاف حتى أطوف  " . 
				
						
						
