( ولقد جاء آل فرعون النذر    ( 41 ) كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر   ( 42 ) أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر   ( 43 ) أم يقولون نحن جميع منتصر   ( 44 ) سيهزم الجمع ويولون الدبر   ( 45 ) بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر   ( 46 ) ) . 
يقول تعالى مخبرا عن فرعون وقومه إنهم جاءهم رسول الله موسى وأخوه هارون بالبشارة إن آمنوا ، والنذارة إن كفروا ، وأيدهما بمعجزات عظيمة وآيات متعددة ، فكذبوا بها كلها ، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر ، أي : فأبادهم الله ولم يبق منهم مخبرا ولا عينا ولا أثرا . 
ثم قال : ( أكفاركم ) أي : أيها المشركون من كفار قريش   ( خير من أولئكم   ) يعني : من الذين تقدم ذكرهم ممن أهلكوا بسبب تكذيبهم الرسل ، وكفرهم بالكتب : أأنتم خير أم أولئك ؟ ( أم لكم براءة في الزبر   ) أي : أم معكم من الله براءة ألا ينالكم عذاب ولا نكال ؟ . 
ثم قال مخبرا عنهم : ( أم يقولون نحن جميع منتصر   ) أي : يعتقدون أنهم مناصرون بعضهم بعضا ، وأن جمعهم يغني عنهم من أرادهم بسوء ، قال الله تعالى : ( سيهزم الجمع ويولون الدبر   ) أي : سيتفرق شملهم ويغلبون . 
قال  البخاري :  حدثنا إسحاق  ، حدثنا خالد  ، عن خالد -  وقال أيضا : حدثنا محمد  ، حدثنا  عفان بن مسلم  ، عن وهيب  ، عن خالد  ، عن عكرمة  ، عن ابن عباس ;  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال - وهو في قبة له يوم بدر   - :  " أنشدك عهدك ووعدك ، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبدا " . فأخذ أبو بكر رضي الله عنه بيده وقال : حسبك يا رسول الله ! ألححت على ربك . فخرج وهو يثب في الدرع وهو يقول : ( سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر    )  . 
وكذا رواه  البخاري   والنسائي  في غير موضع ، من حديث  خالد - وهو ابن مهران الحذاء   - به . 
وقال ابن أبي حاتم   : حدثنا أبي ، حدثنا أبو الربيع الزهراني  ، حدثنا حماد  عن أيوب  ، عن عكرمة  ، قال : لما نزلت ( سيهزم الجمع ويولون الدبر   ) [ قال ] قال عمر   : أي جمع يهزم ؟ أي جمع  [ ص: 482 ] يغلب ؟ قال عمر   : فلما كان يوم بدر  رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يثب في الدرع ، وهو يقول : ( سيهزم الجمع ويولون الدبر   ) فعرفت تأويلها يومئذ . 
وقال  البخاري   : حدثنا إبراهيم بن موسى  ، حدثنا هشام بن يوسف ;  أن  ابن جريج  أخبرهم : أخبرني يوسف بن ماهك  قال : إني عند عائشة  أم المؤمنين ، قالت : نزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - بمكة - وإني لجارية ألعب - ( بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر   ) هكذا رواه هاهنا مختصرا . ورواه في فضائل القرآن مطولا ، ولم يخرجه مسلم   . 
				
						
						
