( ياأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين    ( 208 ) فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم   ( 209 ) ) 
يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين به المصدقين برسوله : أن يأخذوا بجميع عرى الإسلام وشرائعه ، والعمل بجميع أوامره ، وترك جميع زواجره ما استطاعوا من ذلك . 
قال العوفي  ، عن ابن عباس  ، ومجاهد  ،  وطاوس  ، والضحاك  ، وعكرمة  ، وقتادة  ،  والسدي  ، وابن زيد  ، في قوله : ( ادخلوا في السلم   ) يعني : الإسلام . 
وقال الضحاك  ، عن ابن عباس  ،  وأبو العالية  ،  والربيع بن أنس   : ( ادخلوا في السلم   ) يعني : الطاعة . وقال قتادة أيضا : الموادعة . 
وقوله : ( كافة ) قال ابن عباس  ، ومجاهد  ،  وأبو العالية  ، وعكرمة  ، والربيع  ،  والسدي  ،  ومقاتل بن حيان  ، وقتادة  والضحاك   : جميعا ، وقال مجاهد   : أي اعملوا بجميع الأعمال ووجوه البر . 
وزعم عكرمة  أنها نزلت في نفر ممن أسلم من اليهود  وغيرهم ،  كعبد الله بن سلام  ، وثعلبة  وأسد  [ ص: 566 ] بن عبيد  وطائفة استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يسبتوا ، وأن يقوموا بالتوراة ليلا . فأمرهم الله بإقامة شعائر الإسلام والاشتغال بها عما عداها . وفي ذكر  عبد الله بن سلام  مع هؤلاء نظر ، إذ يبعد أن يستأذن في إقامة السبت ، وهو مع تمام إيمانه يتحقق نسخه ورفعه وبطلانه ، والتعويض عنه بأعياد الإسلام . 
ومن المفسرين من يجعل قوله : ( كافة ) حالا من الداخلين ، أي : ادخلوا في الإسلام كلكم . والصحيح الأول ، وهو أنهم أمروا [ كلهم ] أن يعملوا بجميع شعب الإيمان وشرائع الإسلام ، وهي كثيرة جدا ما استطاعوا منها . وقال ابن أبي حاتم   : أخبرنا علي بن الحسين  ، أخبرنا أحمد بن الصباح  ، أخبرني الهيثم بن يمان  ، حدثنا إسماعيل بن زكريا  ، حدثني محمد بن عون  ، عن عكرمة  ، عن ابن عباس   : ( يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة   ) كذا قرأها بالنصب يعني مؤمني أهل الكتاب ، فإنهم كانوا مع الإيمان بالله مستمسكين ببعض أمر التوراة والشرائع التي أنزلت فيهم ، فقال الله : ( ادخلوا في السلم كافة   ) يقول : ادخلوا في شرائع دين محمد  صلى الله عليه وسلم ولا تدعوا منها شيئا وحسبكم بالإيمان بالتوراة وما فيها . 
وقوله : ( ولا تتبعوا خطوات الشيطان   ) أي : اعملوا الطاعات ، واجتنبوا ما يأمركم به الشيطان ف ( إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون   ) [ البقرة : 169 ] ، و ( إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير   ) [ فاطر : 6 ] ; ولهذا قال : ( إنه لكم عدو مبين   ( قال مطرف : أغش عباد الله لعبيد الله الشيطان  . 
وقوله : ( فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات   ) أي : عدلتم عن الحق بعد ما قامت عليكم الحجج ، فاعلموا أن الله عزيز [ أي ] في انتقامه ، لا يفوته هارب ، ولا يغلبه غالب . حكيم في أحكامه ونقضه وإبرامه ; ولهذا قال أبو العالية  وقتادة   والربيع بن أنس   : عزيز في نقمته ، حكيم في أمره . وقال محمد بن إسحاق   : العزيز في نصره ممن كفر به إذا شاء ، الحكيم في عذره وحجته إلى عباده . 
				
						
						
