[ ص: 454 ] تفسير سورة لم يكن وهي مدنية . 
قال  الإمام أحمد   : حدثنا عفان  ، حدثنا  حماد - وهو ابن سلمة -  ، أخبرنا علي - هو ابن زيد -  ، عن عمار بن أبي عمار  قال : سمعت أبا حية البدري - وهو : مالك بن عمرو بن ثابت الأنصاري -  قال : لما نزلت : " لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب    " إلى آخرها ، قال جبريل   : يا رسول الله ، إن ربك يأمرك أن تقرئها أبيا . فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي : " إن جبريل  أمرني أن أقرئك هذه السورة   " . قال أبي : وقد ذكرت ثم يا رسول الله ؟ قال : " نعم " . قال : فبكى أبي  . 
حديث آخر : وقال  الإمام أحمد   : حدثنا محمد بن جعفر  ، حدثنا شعبة  ، سمعت قتادة  يحدث عن أنس بن مالك  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  لأبي بن كعب   : " إن الله أمرني أن أقرأ عليك : " لم يكن الذين كفروا   " قال : وسماني لك ؟ قال : " نعم " . فبكى  . 
ورواه  البخاري  ومسلم   والترمذي   والنسائي  من حديث شعبة  به . 
حديث آخر : قال  الإمام أحمد   : حدثنا مؤمل  ، حدثنا سفيان  ، حدثنا أسلم المنقري  ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى  ، عن أبيه ، عن أبي بن كعب  قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني أمرت أن أقرأ عليك سورة كذا وكذا " . قلت : يا رسول الله ، وقد ذكرت هناك ؟ قال : " نعم " . فقلت له : يا أبا المنذر  ، ففرحت بذلك . قال : وما يمنعني والله يقول : " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون   "  [ يونس : 58 ] . قال مؤمل   : قلت لسفيان   : القراءة في الحديث ؟ قال : نعم . تفرد به من هذا الوجه . 
طريق أخرى : قال أحمد   : حدثنا محمد بن جعفر  وحجاج  ، قالا : حدثنا شعبة  ، عن  عاصم بن بهدلة  ، عن زر بن حبيش  ، عن أبي بن كعب  قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي : " إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن " . قال : فقرأ : " لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب   " قال : فقرأ فيها : ولو أن ابن آدم سأل واديا من مال ، فأعطيه لسأل ثانيا ، ولو سأل ثانيا فأعطيه لسأل ثالثا ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب . وإن ذلك الدين عند الله الحنيفية ، غير المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ، ومن يفعل خيرا فلن يكفره  . 
 [ ص: 455 ] 
ورواه الترمذي  من حديث  أبي داود الطيالسي  ، عن شعبة  به ، وقال : حسن صحيح . 
طريق أخرى : قال  الحافظ أبو القاسم الطبراني   : حدثنا  أحمد بن خليد الحلبي  ، حدثنا محمد بن عيسى الطباع  ، حدثنا معاذ بن محمد بن معاذ بن أبي بن كعب  ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي بن كعب  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " يا أبا المنذر  ، إني أمرت أن أعرض عليك القرآن " . قال : بالله آمنت ، وعلى يدك أسلمت ، ومنك تعلمت . قال : فرد النبي صلى الله عليه وسلم القول . [ قال ] فقال : يا رسول الله ، أذكرت هناك ؟ قال : " نعم ، باسمك ونسبك في الملأ الأعلى " . قال : فاقرأ إذا يا رسول الله  . 
هذا غريب من هذا الوجه ، والثابت ما تقدم . وإنما قرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم هذه السورة تثبيتا له ، وزيادة لإيمانه ، فإنه - كما رواه أحمد   والنسائي  من طريق أنس  عنه ، ورواه أحمد  وأبو داود  ، من حديث  سليمان بن صرد  عنه ، ورواه أحمد  ، عن عفان  ، عن حماد  ، عن حميد  ، عن أنس  ، عن عبادة بن الصامت  عنه ، ورواه أحمد  ، ومسلم  ، وأبو داود  ،  والنسائي  من حديث إسماعيل بن أبي خالد  ، عن عبد الله بن عيسى  ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى  ، عنه كان قد أنكر على إنسان - وهو :  عبد الله بن مسعود   - قراءة شيء من القرآن على خلاف ما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستقرأهما ، وقال ، لكل منهما : " أصبت " . قال أبي : فأخذني من الشك ولا إذ كنت في الجاهلية . فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره ، قال أبي : ففضت عرقا ، وكأنما أنظر إلى الله فرقا . وأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جبريل  أتاه فقال : إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف . فقلت : " أسأل الله معافاته ومغفرته " . فقال : على حرفين . فلم يزل حتى قال : إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف . كما قدمنا ذكر هذا الحديث بطرقه وألفاظه في أول التفسير . فلما نزلت هذه السورة الكريمة وفيها : " رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة " قرأها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة إبلاغ وتثبيت وإنذار ، لا قراءة تعلم واستذكار ، والله أعلم . 
وهذا كما أن  عمر بن الخطاب  لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية عن تلك الأسئلة ، وكان فيما قال : أولم تكن تخبرنا أنا سنأتي البيت ونطوف به ؟ قال : " بلى ، أفأخبرتك أنك تأتيه عامك هذا ؟ " . قال : لا . قال : " فإنك آتيه ، ومطوف به  " . فلما رجعوا من الحديبية ، وأنزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم سورة " الفتح " ، دعا  عمر بن الخطاب  وقرأها عليه ، وفيها قوله : " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين   " الآية [ الفتح : 27 ] ، كما تقدم . 
وروى  الحافظ أبو نعيم  في كتابه " أسماء الصحابة " من طريق محمد بن إسماعيل الجعفري المدني   :  [ ص: 456 ] حدثنا عبد الله بن سلمة بن أسلم  ، عن ابن شهاب  ، عن إسماعيل بن أبي حكيم المدني  ، حدثني فضيل  سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :  " إن الله ليسمع قراءة " لم يكن الذين كفروا   " فيقول : أبشر عبدي ، فوعزتي لأمكننه لك في الجنة حتى ترضى "  . 
حديث غريب جدا . وقد رواه  الحافظ أبو موسى المديني  وابن الأثير  ، من طريق الزهري  ، عن إسماعيل بن أبي حكيم  ، عن نظير المزني - أو : المدني   - عن النبي صلى الله عليه وسلم :  " إن الله ليسمع قراءة " لم يكن الذين كفروا   " ويقول : أبشر عبدي ، فوعزتي لا أنساك على حال من أحوال الدنيا والآخرة ، ولأمكنن لك في الجنة حتى ترضى "  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					