[ ص: 123 ] قاعدة مهمة :
الجراح تارة تكون في مفصل ، فيجب فيه القصاص بالإجماع ، كقطع اليد والرجل والكف والقدم ونحو ذلك . وأما إذا لم تكن الجراح في مفصل بل في عظم ، فقال مالك رحمه الله : فيه القصاص إلا في الفخذ وشبهها ; لأنه مخوف خطر . وقال أبو حنيفة وصاحباه : لا يجب القصاص في شيء من العظام إلا في السن . وقال : لا يجب القصاص في شيء من العظام مطلقا ، وهو مروي عن الشافعي عمر بن الخطاب . وبه يقول وابن عباس عطاء والشعبي والحسن البصري والزهري وإبراهيم النخعي . وإليه ذهب وعمر بن عبد العزيز سفيان الثوري . وهو المشهور من مذهب والليث بن سعد . الإمام أحمد
وقد احتج أبو حنيفة رحمه الله ، بحديث الربيع بنت النضر على مذهبه أنه . وحديث لا قصاص في عظم إلا في السن الربيع لا حجة فيه ; لأنه ورد بلفظ : " كسرت ثنية جارية " وجائز أن تكون سقطت من غير كسر ، فيجب القصاص - والحالة هذه - بالإجماع . وتمموا الدلالة . بما رواه ابن ماجه من طريق عن أبي بكر بن عياش دهثم بن قران عن نمران بن جارية عن أبيه جارية بن ظفر الحنفي . أن رجلا ضرب رجلا على ساعده بالسيف من غير المفصل ، فقطعها ، فاستعدى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمر له بالدية ، فقال : يا رسول الله ، أريد القصاص . فقال : " خذ الدية ، بارك الله لك فيها " . ولم يقض له بالقصاص
وقال : ليس لهذا الحديث غير هذا الإسناد الشيخ أبو عمر بن عبد البر ودهثم بن قران العكلي ضعيف أعرابي ، ليس حديثه مما يحتج به ونمران بن جارية ضعيف أعرابي أيضا ، وأبوه جارية بن ظفر مذكور في الصحابة .
ثم قالوا : فإن اقتص منه قبل الاندمال ثم زاد جرحه ، فلا شيء له ، والدليل على ذلك ما رواه لا يجوز أن يقتص من الجراحة حتى تندمل جراحه المجني عليه ، : حدثنا الإمام أحمد يعقوب حدثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق فذكر حديثا ، قال ابن إسحاق : وذكر عمرو بن شعيب عن أبيه ، عن جده ; . تفرد به أن رجلا طعن رجلا بقرن في ركبته ، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أقدني . فقال صلى الله عليه وسلم : " لا تعجل حتى يبرأ جرحك " . قال : فأبى الرجل إلا أن يستقيد ، فأقاده رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ، قال : فعرج المستقيد وبرأ المستقاد منه ، فأتى المستقيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : يا رسول الله ، عرجت وبرأ صاحبي . فقال : " قد نهيتك فعصيتني ، فأبعدك الله وبطل عرجك " . ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتص من جرح حتى يبرأ صاحبه أحمد .