( ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات  وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب   ( 6 ) )  [ ص: 433 ] 
يقول تعالى : ( ويستعجلونك ) أي : هؤلاء المكذبون ( بالسيئة قبل الحسنة   ) أي : بالعقوبة ، كما أخبر عنهم في قوله : ( وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون  لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين  ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين   ) [ الحجر : 6 - 8 ] وقال تعالى : ( ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون  يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين   ) [ العنكبوت : 53 ، 54 ] وقال : ( سأل سائل بعذاب واقع   ) [ المعارج : 1 ] وقال : ( يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق   ) [ الشورى : 18 ] ( وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب   ) [ ص : 16 ] أي : حسابنا وعقابنا ، كما قال مخبرا عنهم : ( وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم   ) [ الأنفال : 32 ] فكانوا يطلبون من الرسول أن يأتيهم بعذاب الله ، وذلك من شدة تكذيبهم وكفرهم وعنادهم . 
قال الله تعالى : ( وقد خلت من قبلهم المثلات   ) أي : قد أوقعنا نقمتنا بالأمم الخالية وجعلناهم مثلة وعبرة وعظة لمن اتعظ بهم . 
ثم أخبر تعالى أنه لولا حلمه وعفوه [ وغفره ] لعاجلهم بالعقوبة ، كما قال تعالى : ( ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة   ) [ فاطر : 45 ] . 
وقال تعالى في هذه الآية الكريمة : ( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم   ) أي : إنه ذو عفو وصفح وستر للناس مع أنهم يظلمون ويخطئون بالليل والنهار . ثم قرن هذا الحكم بأنه شديد العقاب ، ليعتدل الرجاء والخوف ، كما قال تعالى : ( فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين   ) [ الأنعام : 147 ] وقال : ( إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم   ) [ الأعراف : 167 ] وقال : ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم   ) [ الحجر : 49 ، 50 ] إلى أمثال ذلك من الآيات التي تجمع الرجاء والخوف . 
وقال ابن أبي حاتم   : حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن إسماعيل  ، حدثنا حماد  ، عن علي بن زيد  ، عن سعيد بن المسيب قال : لما نزلت هذه الآية : ( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب   ) قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " لولا عفو الله وتجاوزه ، ما هنأ أحدا العيش ولولا وعيده وعقابه ، لاتكل كل أحد "  . 
وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة الحسن بن عثمان أبي حسان الزيادي : أنه رأى رب العزة في  [ ص: 434 ] النوم - ورسول الله صلى الله عليه وسلم - واقف بين يديه يشفع في رجل من أمته ، فقال له : ألم يكفك أني أنزلت عليك في سورة الرعد : ( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم   ) ؟ قال : ثم انتبهت  . 
				
						
						
