[ والسرية التي أسرت ثمامة بن أثال الحنفي ]
[ إسلامه ]
بلغني عن أبي سعيد المقبري عن أنه قال : أبي هريرة بني حنيفة ، لا يشعرون من هو ، حتى أتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقال : أتدرون من أخذتم ؛ هذا ثمامة بن أثال الحنفي ، أحسنوا إساره ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله ؛ فقال : اجمعوا ما كان عندكم من طعام ، فابعثوا به إليه ، وأمر بلقحته أن يغدى عليه بها ويراح فجعل لا يقع من ثمامة موقعا ويأتيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول أسلم يا ثمامة ، فيقول : إيها يا محمد ، إن تقتل تقتل ذا دم وإن ترد الفداء فسل ما شئت ، فمكث ما شاء الله أن يمكث ؛ ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم يوما : أطلقوا ثمامة ، فلما أطلقوه خرج حتى أتى البقيع ، فتطهر فأحسن طهوره ، ثم [ ص: 639 ] أقبل فبايع النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام ؛ فلما أمسى جاءوه بما كانوا يأتونه من الطعام ، فلم ينل منه إلا قليلا ، وباللقحة فلم يصب من حلابها إلا يسيرا فعجب المسلمون من ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه ذلك : مم تعجبون ؟ أمن رجل أكل أول النهار في معى كافر ، وأكل آخر النهار في معى مسلم إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء ، وإن المسلم يأكل في معى واحد خرجت خيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذت رجلا من
[ خروجه إلى مكة وقصته مع قريش ]
قال ابن هشام : فبلغني أنه خرج معتمرا ، حتى إذا كان ببطن مكة لبى ، فكان أول من دخل مكة يلبي ، فأخذته قريش ، فقالوا : لقد اخترت علينا ، فلما قدموه ليضربوا عنقه ؛ قال قائل منهم : دعوه فإنكم تحتاجون إلى اليمامة لطعامكم ، فخلوه ، فقال الحنفي في ذلك :
ومنا الذي لبى بمكة معلنا برغم أبي سفيان في الأشهر الحرم
وحدثت أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين أسلم ، لقد كان وجهك أبغض الوجوه إلي ، ولقد أصبح وهو أحب الوجوه إلي . وقال في الدين والبلاد مثل ذلك . ثم خرج معتمرا ، فلما قدم مكة ، قالوا : أصبوت يا ثمام ؟ فقال : لا ، ولكني اتبعت خير الدين ، دين محمد ، ولا والله لا تصل إليكم حبة من اليمامة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم خرج إلى اليمامة ، فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئا ، فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك تأمر بصلة الرحم ، وإنك قد قطعت أرحامنا ، وقد قتلت الآباء بالسيف ، والأبناء بالجوع ، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه أن يخلي بينهم وبين الحمل .