[ ] ما نزل في أبي ياسر وأخيه
قال ابن إسحاق : وكان ممن نزل فيه القرآن ، بخاصة من الأحبار وكفار يهود ، الذي كانوا يسألونه ويتعنتونه ليلبسوا الحق بالباطل - فيما ذكر لي عن عبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله بن رئاب - أن أبا ياسر بن أخطب مر برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يتلو فاتحة البقرة : الم ذلك الكتاب لا ريب فيه [ ص: 446 ] فأتى أخاه حيي بن أخطب في رجال من يهود ، فقال : تعلموا والله ، لقد سمعت محمدا يتلو فيما أنزل عليه : الم ذلك الكتاب ، فقالوا : أنت سمعته ؟ فقال : نعم فمشى حيي بن أخطب في أولئك النفر من يهود إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا له : يا محمد ، ألم يذكر لنا أنك تتلو فيما أنزل إليك : الم ذلك الكتاب ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : بلى ، قالوا : أجاءك بها جبريل من عند الله ؟ فقال : نعم ، قالوا : لقد بعث الله قبلك أنبياء ، ما نعلمه بين لنبي منهم ما مدة ملكه ، وما أكل أمته غيرك .
فقال حيي بن أخطب ، وأقبل على من معه ، فقال لهم : الألف واحدة ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، فهذه إحدى وسبعون سنة ؛ أفتدخلون في دين إنما مدة ملكه وأكل أمته إحدى وسبعون سنة ؟ ثم أقبل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا محمد ، هل مع هذا غيره ؟ قال : نعم ؛ قال : ماذا ؟ قال : المص . قال : هذه والله أثقل وأطول ، الألف واحدة واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، والصاد تسعون ، فهذه إحدى وستون ومئة سنة ، هل مع هذا يا محمد غيره ؟ قال : نعم الر .
قال : هذه والله أثقل وأطول ، الألف واحدة ، واللام ثلاثون ، والراء مائتان ، فهذه إحدى وثلاثون ومئتان ، هل مع هذا غيره يا محمد ؟ قال : نعم المر . قال : هذه والله أثقل وأطول ، الألف واحدة ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، والراء مائتان ، فهذه إحدى وسبعون ومئتا سنة ، ثم قال : لقد لبس علينا أمرك يا محمد ، حتى ما ندري أقليلا أعطيت أم كثيرا ؟ ثم قاموا عنه ؛ فقال أبو ياسر لأخيه حيي بن أخطب ولمن معه من الأحبار : ما يدريكم لعله قد جمع هذا كله لمحمد ، إحدى وسبعون ، وإحدى وستون ومئة ، وإحدى وثلاثون ومئتان ، وإحدى وسبعون ومئتان ، فذلك سبع مئة وأربع وثلاثون سنة ، فقالوا : لقد تشابه علينا أمره . فيزعمون أن هؤلاء [ ص: 547 ] الآيات نزلت فيهم منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات :
قال ابن إسحاق : وقد سمعت من لا أتهم من أهل العلم يذكر : أن هؤلاء الآيات إنما أنزلن في أهل نجران ، حين قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألونه عن عيسى ابن مريم - عليه السلام - . قال ابن إسحاق : وقد حدثني محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، أنه قد سمع : أن هؤلاء الآيات إنما أنزلن في نفر من يهود ، ولم يفسر ذلك لي . فالله أعلم أي ذلك كان .