( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ) وقرأت فرقة : أولى ببعض . قال ابن عطية : هذا الجمع الموارثة والمعاونة والنصرة ، وقال : ظاهره إثبات الموالاة بينهم ، كقوله تعالى في المسلمين ( الزمخشري أولئك بعضهم أولياء بعض ) ومعناه : نهي المسلمين عن موالاة الذين كفروا وموارثتهم وإيجاب مباعدتهم ومصارمتهم وإن كانوا أقارب وأن يتركوا يتوارثون بعضهم بعضا . وقال غيره : لما ذكر أقسام المؤمنين الثلاثة وأنهم أولياء ينصر بعضهم بعضا ويرث بعضهم بعضا بين أن فريق الكفار كذلك ; إذ كانوا قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ينادي أهل الكتاب منهم قريشا ويتربصون بهم الدوائر ، فصاروا بعد بعثه يوالي بعضهم بعضا وإلبا واحدا على الرسول صونا على رئاساتهم وتحزبا على المؤمنين .
( إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) الضمير المنصوب في تفعلوه عائد على الميثاق ، أي : على حفظه ، أو على النصر ، أو على الإرث ، أو على مجموع ما تقدم ، أقوال أربعة ، وقال : أي : إن لا تفعلوا ما أمرتكم به من تواصل المسلمين وتولي بعضهم بعضا حتى في التوارث تفضيلا لنسبة الإسلام على نسبة القرابة ، ولم [ ص: 523 ] تقطعوا العلائق بينكم وبين الكفار ، ولم تجعلوا قرابتهم كلا قرابة تحصل فتنة في الأرض ومفسدة عظيمة ; لأن المسلمين ما لم يصيروا يدا واحدة على الشرك كان الشرك ظاهرا والفساد زائدا ، وقال الزمخشري ابن عطية : والفتنة المحنة بالحرب وما انجر معها من الغارات والجلاء والأسر ، والفساد الكبير ظهور الشرك ، وقال البغوي : الفتنة في الأرض قوة الكفر ، والفساد الكبير ضعف الإسلام ، وقرأ أبو موسى الحجازي عن : كثير ، بالثاء المثلثة ، وروي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قرأ : وفساد عريض . الكسائي