(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236nindex.php?page=treesubj&link=28973لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ) ، نزلت في أنصاري تزوج حنيفية ولم يسم مهرا ، ثم طلقها قبل أن يمسها ، فقال - صلى الله عليه وسلم : (
متعها ولو بقلنسوتك ) ، فذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لا جناح عليكم ) الآية . ومناسبتها لما قبلها أنه لما بين - تعالى - حكم المطلقات المدخول بهن ، والمتوفى عنهن أزواجهن ، بين حكم المطلقة غير المدخول بها ، وغير المسمى لها مدخولا بها ، أو غير ذلك . والمطلقات أربع : مدخول بها مفروض لها ، ونقيضتها ، ومفروض لها غير مدخول بها ، ونقيضتها . والخطاب في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لا جناح عليكم ) للأزواج ، ومعنى نفي الجناح هنا هو أنه لما نهى عن التزوج بمعنى الذوق وقضاء الشهوة ، وأمر بالتزوج طلبا للعصمة والثواب ، ودوام الصحبة - وقع في بعض نفوس المؤمنين أن من طلق قبل البناء يكون قد أوقع جزءا من هذا المكروه ؛ فرفع الله الجناح في ذلك ، إذا كان أصل النكاح على المقصد الحسن ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236ما لم تمسوهن ) ، قرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : " تماسوهن " مضارع ماس ، فاعل . وقرأ باقي السبعة مضارع مسست . وفاعل يقتضي اشتراك الزوجين في المسيس ، ورجح
أبو علي قراءة : " تمسوهن " بأن أفعال هذا الباب جاءت ثلاثية ، نحو : نكح ، وسفد ، وفزع ، ودقط ، وضرب الفحل . والقرابان : حسنتان ، والمس هنا والمماسة : الجماع ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=20ولم يمسسني بشر ) ، و " ما " في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236ما لم تمسوهن ) الظاهر أنها ظرفية مصدرية ، التقدير : زمان عدم المسيس كقول الشاعر :
إني بحبلك واصل حبلي وبريش نبلك رائش نبلي ما لم أجدك على هدى أثر
يقرو مقصك قائف قبلي
وهذه " ما " الظرفية المصدرية شبيهة بالشرط ، وتقتضي التعميم نحو : أصحبك ما دمت لي محسنا ، فالمعنى : كل وقت دوام إحسان . وقال بعضهم : ما شرطية ، ثم قدرها بأن ، وأراد بذلك - والله أعلم - تفسير المعنى ، و " ما " إذا كانت شرطا تكون اسما غير ظرف زمان ولا مكان ، ولا يتأتى هنا أن تكون شرطا بهذا المعنى . وزعم
ابن مالك أن " ما " تكون شرطا ظرف زمان . وقد رد ذلك عليه ابنه
بدر الدين محمد في بعض تعاليقه ، وتأول ما استدل به والده ، وتأولنا نحن بعض ذلك بخلاف تأويل ابنه ، وذلك كله ذكرناه في كتاب ( التكميل ) من تآليفنا . على أن
ابن مالك ذكر أن ما ذهب إليه لا يقوله النحويون ، وإنما استنبط هو ذلك من كلام الفصحاء على زعمه . وزعم بعضهم أن " ما " في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236ما لم تمسوهن ) اسما موصولا ، والتقدير : إن طلقتم النساء اللاتي لم تمسوهن ، فلا يكون لفظ " ما " شرطا ، وهذا ضعيف ؛ لأن " ما " إذ ذاك تكون وصفا للنساء ؛ إذ قدرها بمعنى اللاتي ، و " ما " من الموصولات التي لا يوصف بها بخلاف الذي والتي . وكنى بالمسيس عن المجامعة تأديبا لعباده في اختيار أحسن الألفاظ فيما يتخاطبون به . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236أو تفرضوا لهن فريضة ) ، الفريضة هنا هو الصداق ، وفرضه : تسميته . و " أو " على بابها من كونها تأتي لأحد الشيئين ، أو لأشياء ، والفعل بعدها معطوف على " تمسوهن " فهو مجزوم ، أو معطوف على مصدر متوهم ، فهو منصوب على إضمار أن بعد أو ، بمعنى إلا . التقدير : ما لم تمسوهن إلا أن تفرضوا لهن فريضة ، أو معطوف على جملة محذوفة ، التقدير : فرضتم أو لم تفرضوا ، أو بمعنى الواو والفعل مجزوم معطوف على " تمسوهن " أقوال أربعة : الأول ل
ابن عطية وغيره ، والثاني
nindex.php?page=showalam&ids=14423للزمخشري والثالث لبعض أهل العلم ولم يسم ، والرابع
للسجاوندي وغيره . فعلى القول الأول : ينتفي الجناح عن المطلق عند انتفاء أحد أمرين : إما الجماع ، وإما تسمية المهر ؛ أما عند انتفاء الجماع فصحيح ؛ وأما عند انتفاء تسمية المهر فالحكم ليس كذلك ؛ لأن المدخول بها التي لم يسم لها مهر - وهي المفوضة - إذا طلقها زوجها لا ينتفي الجناح عنه . وعلى القول الثاني ينتفي الجناح عند انتفاء الجماع إلا إن فرض لها مهر ؛ فلا ينتفي الجناح ، وإن انتفى الجماع ؛ لأنه
[ ص: 232 ] استثنى من الحالات التي ينتفي فيها الجناح حالة فرض الفريضة ؛ فيثبت فيها الجناح . وعلى القول الثالث : ينتفي الجناح بانتفاء الجماع فقط ، سواء فرض أم لم يفرض ، وقالوا : المراد هنا بالجناح لزوم المهر ؛ فينتفي ذلك بالطلاق قبل الجماع ، فرض مهرا أو لم يفرض ؛ لأنه إن فرض انتقل إلى النصف ، وإن لم يفرض ، فاختلف في ذلك ؛ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=11174طلقها ولم يدخل بها ، ولم يكن فرض لها أجبر على نصف صداق مثلها ، وقال غيره : ليس لها نصف مهر المثل ، ولكن المتعة . وفي هذا القول الثالث حذف جملة ، وهي قوله : فرضتم ، وإضمار " لم " بعد " أو " ، وهذا لا يجوز إلا إذا عطف على مجزوم ، نحو : لم أقم وأركب ، على مذهب من يجعل العامل في المعطوف مقدرا بعد حرف العطف . وعلى القول الرابع : ينتفي الجناح بانتفاء الجماع وتسمية المهر معا ، فإن وجد الجماع وانتفت التسمية فلها مهر مثلها ، وإن انتفى الجماع ووجدت التسمية فنصف المسمى ، فيثبت الجناح إذ ذاك في هذين الوجهين ، وينتفي بانتفائهما ؛ ويكون الجناح إذ ذاك يطلق على ما يلزم المطلق باعتبار هاتين الحالتين . وهذه الآية تدل على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=11698الطلاق قبل البناء ، وأجمعوا على جواز ذلك ، والظاهر جواز
nindex.php?page=treesubj&link=11750طلاق الحائض غير المدخول بها ؛ لأن الآية دلت على انتفاء الحرج في طلاقهن عموما ، سواء كن حيضا أم لا ، وهو قول أكثر العلماء ومشهور مذهب
مالك ،
ولمالك قول يمنع من طلاق الحائض مدخولا بها أو غير مدخول بها ، وموت الزوج قبل البناء ، وقبل الفرض ينزل منزلة طلاقه قبل البناء وقبل الفرض ، فليس لها مهر ولا ميراث ، قاله
مسروق ، وهو مخالف للأصول . وقال
علي ،
وزيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ،
ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : لها الميراث ، ولا صداق لها ، وعليها العدة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، وجماعة من الصحابة ،
وأبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
وأحمد ،
وإسحاق : لها صداق مثل نسائها ، وعليها العدة ، ولها الميراث . وظاهر الآية يدل على صحة
nindex.php?page=treesubj&link=11189نكاح التفويض ، وهو جائز عند فقهاء الأمصار ؛ لأنه تعالى قسم حال المطلقة إلى قسمين : مطلقة لم يسم لها ، ومطلقة سمي لها ، فإن لم يفرض لها - ووقع الطلاق قبل الدخول - لم يجب لها صداق إجماعا ، قاله القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر بن العربي ، وقد تقدم خلاف
nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان في ذلك ، وأن لها نصف صداق مثلها ، وإن فرض لها بعد العقد أقل من مهر مثلها لم يلزمها تسليم نفسها ، أو مهر مثلها لزمها التسليم ، ولها حبس نفسها حتى تقبض صداقها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13719أبو بكر الأصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=14416وأبو إسحاق الزجاج : هذه الآية تدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=11158عقد النكاح بغير مهر جائز . وقال القاضي : لا تدل على الجواز ، لكنها تدل على الصحة ، أما دلالتها على الصحة فلأنه لو لم يكن صحيحا لم يكن الطلاق مشروعا ، ولم تكن النفقة لازمة ؛ وأما أنها لا تدل على الجواز ، فلأنه لا يلزم من الصحة الجواز ؛ بدليل أن الطلاق في زمان الحيض حرام ، ومع ذلك هو واقع صحيح .
( ومتعوهن ) ، أي : ملكوهن ما يتمتعن به ، وذلك الشيء يسمى متعة ، وظاهر هذا الأمر الوجوب ، وروي ذلك عن :
علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير ،
وأبي قلابة ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك بن مزاحم . وحمله على الندب :
شريح ،
والحكم ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى ،
ومالك ،
والليث ،
وأبو عبيد . والضمير الفاعل في : ( ومتعوهن ) للمطلقين ، والضمير المنصوب ضمير المطلقات قبل المسيس وقبل الفرض ؛ فيجب لهن المتعة ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وأحمد ،
وإسحاق ، وأصحاب الرأي . وتندب في حق غيرهن من المطلقات . وروي عن :
علي ،
والحسن ،
وأبي العالية ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري :
nindex.php?page=treesubj&link=11227لكل مطلقة متعة ، فإن كان فرض لها وطلقت قبل المسيس ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
وشريح ،
وإبراهيم ،
nindex.php?page=showalam&ids=17002ومحمد بن علي : لا متعة لها ، بل حسبها نصف ما فرض لها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور : لها المتعة ، ولكل مطلقة . واختلف فقهاء الأمصار ، فقال
أبو حنيفة ،
وأبو يوسف ،
وزفر ،
ومحمد : المتعة واجبة لغير المدخول بها ولم يسم لها ، وإن دخل بها متعها ، ولا
[ ص: 233 ] يجبر عليها ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي يزعم أن أحد الزوجين إذا كان مملوكا لم تجب المتعة ، وإن طلقها قبل الدخول . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ،
وأبو الزناد : المتعة غير واجبة ، ولم يفرقا بين المدخول بها وبين من سمي لها ومن لم يسم لها . وقال
مالك : المتعة لكل مطلقة مدخول بها وغير مدخول ، إلا الملاعنة ، والمختلعة ، والمطلقة قبل الدخول وقد فرض لها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : المتعة لكل مطلقة إذا كان الفراق من قبله ، إلا التي سمى لها وطلق قبل الدخول . وقال
أحمد : يجب للمطلقة قبل الدخول إذا لم يسم لها مهر ، فإن دخل بها فلا متعة ، ولها مهر المثل . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
وأبي حنيفة ، وقال
عطاء ،
والنخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي أيضا : للمختلعة متعة . وقال أصحاب الرأي : للملاعنة متعة . وقال
ابن القاسم : لا متعة في نكاح منسوخ . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12927ابن المواز : ولا فيما يدخله الفسخ بعد صحة العقد ، مثل ملك أحد الزوجين صاحبه . وروى
ابن وهب عن
مالك : أن المخيرة لها المتعة ، بخلاف الأمة تعتق تحت العبد ؛ فتختار ؛ فهذه لا متعة لها . وظاهر الآية : أن المتعة لا تكون إلا لإحدى مطلقتين : مطلقة قبل الدخول ، سواء فرض لها أو لم يفرض . ومطلقة قبل الفرض ، سواء دخل بها أو لم يدخل . وسيأتي الكلام على قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=241وللمطلقات متاع بالمعروف ) إن شاء الله تعالى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236nindex.php?page=treesubj&link=28973على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ) ، هذا مما يؤكد الوجوب في المتعة ؛ إذ أتى بعد الأمر الذي هو ظاهر في الوجوب بلفظة " على " التي تستعمل في الوجوب ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وعلى المولود له رزقهن ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) . والموسع : الموسر . والمقتر : الضيق الحال ، وظاهره
nindex.php?page=treesubj&link=11231اعتبار حال الزوج ، فمن اعتبر ذلك بحال الزوجة دون الزوج ، أو بحال الزوج والزوجة فهو مخالف للظاهر ، وقد جاء هذا القدر مبهما ، فطريقه الاجتهاد وغلبة الظن ؛ إذ لم يأت فيه بشيء مؤقت . ومعنى " قدره " : مقدار ما يطيقه الزوج ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر :
nindex.php?page=treesubj&link=11231أدناها ثلاثون درهما أو شبهها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أرفعها خادم ثم كسوة ثم نفقة ، وقال
عطاء : من أوسط ذلك درع وخمار وملحفة . وقال
الحسن : يمتع كل على قدره ، هذا بخادم ، وهذا بأثواب ، وهذا بثوب ، وهذا بنفقة ، وهذا قول
مالك . ومتع
الحسن بن علي بعشرين ألفا وزقاق من عسل ، ومتع
عائشة الخثعمية بعشرة آلاف ، فقالت : متاع قليل من حبيب مفارق ، ومتع
شريح بخمسمائة درهم . وقال
ابن مجيز : على صاحب الديوان ثلاثة دنانير ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب :
nindex.php?page=treesubj&link=11231أفضل المتعة خمار ، وأوضعها ثوب . وقال
حماد : يمتعها بنصف مهر مثلها . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه
قال لرجل من الأنصار تزوج امرأة ولم يسم لها مهرا ، ثم طلقها قبل أن يمسها : ( أمتعتها ) قال : لم يكن عندي شيء ، قال : ( متعها بقلنسوتك ) . وعند
أبي حنيفة لا تنقص عن خمسة دراهم ؛ لأن أقل المهر عنده عشرة دراهم ، فلا ينقص من نصفها . وقد متع
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف زوجه
أم أبي سلمة ابنه بخادم سوداء . وهذه المقادير كلها صدرت عن اجتهاد رأيهم ، فلم ينكر بعضهم على بعض ما صار إليه ؛ فدل على أنها موضوعة عندهم على ما يؤدي إليه الاجتهاد ، وهي بمنزلة تقويم المتلفات وأروش الجنايات التي ليس لها مقادير معلومة ، وإنما ذلك على ما يؤدي إليه الاجتهاد ، وهي من مسألة تقويم المتلفات . وقرأ الجمهور : " على الموسع " اسم فاعل من أوسع . وقرأ
أبو حيوة : " الموسع " بفتح الواو والسين وتشديدها ، اسم مفعول من وسع . وقرأ
ابن كثير ،
ونافع ،
وأبو عمرو ،
وأبو بكر : " قدره " بسكون الدال في الموضعين . وقرأ
حمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
وابن عامر ،
وحفص ،
ويزيد ،
وروح : بفتح الدال فيهما ، وهما لغتان فصيحتان بمعنى ، حكاهما
أبو زيد والأخفش وغيرهما ، ومعناه : ما يطيقه الزوج ، وعلى أنهما بمعنى واحد أكثر أئمة العربية ، وقيل : الساكن مصدر ، والمتحرك اسم ، كالعد والعدد ، والمد والمدد . وكان القدر بالتسكين : الوسع ، يقال : هو ينفق على قدره ،
[ ص: 234 ] أي : وسعه ، قال
أبو جعفر : وأكثر ما يستعمل بالتحريك إذا كان مساويا للشيء ، يقال : هذا على قدر هذا . وقرئ : " قدره " بفتح الراء ، وجوزوا في نصبه وجهين : أحدهما : أنه انتصب على المعنى ؛ لأن معنى : ( ومتعوهن ) ليؤد كل منكم قدر وسعه ، والثاني : على إضمار فعل ، التقدير : وأوجبوا على الموسع قدره . وفي
السجاوندي : وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة : " قدره " ، أي : قدره الله . انتهى . وهذا يظهر أنه قرأ بفتح الدال والراء ، فتكون إذ ذاك فعلا ماضيا ، وجعل فيه ضميرا مستكنا يعود على الله ، وجعل الضمير المنصوب عائدا على الإمتاع الذي يدل عليه قوله : ( ومتعوهن ) ، والمعنى : أن الله قدر وكتب الإمتاع على الموسع وعلى المقتر . وفي الجملة ضمير محذوف تقديره : على الموسع منكم ، وقد يقال إن الألف واللام نابت عن الضمير ، أي : على موسعكم وعلى مقتركم ، وهذه الجملة تحتمل أن تكون مستأنفة بينت حال المطلق في المتعة بالنسبة إلى إيساره وإقتاره ، ويحتمل أن تكون في موضع نصب على الحال ، وذو الحال هو الضمير المرفوع وفي قوله : ( ومتعوهن ) ، والرابط هو ذلك الضمير المحذوف الذي قدرناه " منكم " . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236متاعا بالمعروف ) ، قالوا : انتصب متاعا على المصدر ، وتحريره أن المتاع هو ما يمتع به ، فهو اسم له ، ثم أطلق على المصدر على سبيل المجاز ، والعامل فيه : ( ومتعوهن ) ، ولو جاء على أصل مصدر : ( ومتعوهن ) لكان تمتيعا ، وكذا قدره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري . وجوزوا فيه أن يكون منصوبا على الحال ، والعامل فيها ما يتعلق به الجار والمجرور ، وصاحب الحال الضمير المستكن في ذلك العامل ، والتقدير : قدر الموسع يستقر عليه في حال كونه متاعا ، وبالمعروف يتعلق بقوله " ومتعوهن " ، أو بمحذوف ؛ فيكون صفة لقوله " متاعا " ، أي ملتبسا بالمعروف ، والمعروف هو المألوف شرعا ومروءة ، وهو ما لا حمل له فيه على المطلق ولا تكلف . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236حقا على المحسنين ) ، هذا يؤكد أيضا وجوب المتعة ، والمراد إحسان الإيمان والإسلام ، وقيل : المراد إحسان العشرة ؛ فيكون الله سماهم محسنين قبل الفعل باعتبار ما يئولون إليه من الإحسان ، نحو : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10373981من قتل قتيلا فله سلبه ) . وانتصاب " حقا " على أنه صفة لـ متاعا ، أي : متاعا بالمعروف واجبا على المحسنين ، أو بإضمار فعل تقديره : حق ذلك حقا ، أو حالا مما كان حالا منه متاعا ، أو من قوله " بالمعروف " ، أي : بالذي عرف في حال كونه على المحسنين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236nindex.php?page=treesubj&link=28973لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ) ، نَزَلَتْ فِي أَنْصَارِيٍّ تَزَوَّجَ حَنِيفِيَّةً وَلَمْ يُسَمِّ مَهْرًا ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
مَتِّعْهَا وَلَوْ بِقَلَنْسُوَتِكَ ) ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ) الْآيَةَ . وَمُنَاسَبَتُهَا لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ - تَعَالَى - حُكْمَ الْمُطَلَّقَاتِ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ ، وَالْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ ، بَيَّنَ حُكْمَ الْمُطَلَّقَةِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا ، وَغَيْرِ الْمُسَمَّى لَهَا مَدْخُولًا بِهَا ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ . وَالْمُطَلَّقَاتُ أَرْبَعٌ : مَدْخُولٌ بِهَا مَفْرُوضٌ لَهَا ، وَنَقِيضَتُهَا ، وَمَفْرُوضٌ لَهَا غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا ، وَنَقِيضَتُهَا . وَالْخِطَابُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ) لِلْأَزْوَاجِ ، وَمَعْنَى نَفْيِ الْجُنَاحِ هُنَا هُوَ أَنَّهُ لَمَّا نَهَى عَنِ التَّزَوُّجِ بِمَعْنَى الذَّوْقِ وَقَضَاءِ الشَّهْوَةِ ، وَأَمَرَ بِالتَّزَوُّجِ طَلَبًا لِلْعِصْمَةِ وَالثَّوَابِ ، وَدَوَامِ الصُّحْبَةِ - وَقَعَ فِي بَعْضِ نُفُوسِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ مَنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ يَكُونُ قَدْ أَوْقَعَ جُزْءًا مِنْ هَذَا الْمَكْرُوهِ ؛ فَرَفَعَ اللَّهُ الْجُنَاحَ فِي ذَلِكَ ، إِذَا كَانَ أَصْلُ النِّكَاحِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْحَسَنِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ ) ، قَرَأَ
حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ : " تُمَاسُّوهُنَّ " مُضَارِعَ مَاسَّ ، فَاعَلَ . وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ مُضَارِعَ مَسِسْتُ . وَفَاعِلٌ يَقْتَضِي اشْتِرَاكَ الزَّوْجَيْنِ فِي الْمَسِيسِ ، وَرَجَّحَ
أَبُو عَلِيٍّ قِرَاءَةَ : " تَمَسُّوهُنَّ " بِأَنَّ أَفْعَالَ هَذَا الْبَابِ جَاءَتْ ثُلَاثِيَّةً ، نَحْوَ : نَكَحَ ، وَسَفَدَ ، وَفَزِعَ ، وَدَقَطَ ، وَضَرَبَ الْفَحْلُ . وَالْقِرَابَانِ : حَسَنَتَانِ ، وَالْمَسُّ هُنَا وَالْمُمَاسَّةُ : الْجِمَاعُ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=20وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ) ، وَ " مَا " فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ ) الظَّاهِرُ أَنَّهَا ظَرْفِيَّةٌ مَصْدَرِيَّةٌ ، التَّقْدِيرُ : زَمَانَ عَدَمِ الْمَسِيسِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ :
إِنِّي بِحَبْلِكِ وَاصِلٌ حَبْلِي وَبِرِيشِ نَبْلِكِ رَائِشٌ نَبْلِي مَا لَمْ أَجِدْكِ عَلَى هُدَى أَثَرٍ
يَقْرُو مِقَصَّكِ قَائِفٌ قَبْلِي
وَهَذِهِ " مَا " الظَّرْفِيَّةُ الْمَصْدَرِيَّةُ شَبِيهَةٌ بِالشَّرْطِ ، وَتَقْتَضِي التَّعْمِيمَ نَحْوَ : أَصْحَبُكَ مَا دُمْتَ لِي مُحْسِنًا ، فَالْمَعْنَى : كُلُّ وَقْتِ دَوَامَ إِحْسَانٍ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَا شَرْطِيَّةٌ ، ثُمَّ قَدَّرَهَا بِأَنْ ، وَأَرَادَ بِذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - تَفْسِيرَ الْمَعْنَى ، وَ " مَا " إِذَا كَانَتْ شَرْطًا تَكُونُ اسْمًا غَيْرَ ظَرْفِ زَمَانٍ وَلَا مَكَانٍ ، وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا أَنْ تَكُونَ شَرْطًا بِهَذَا الْمَعْنَى . وَزَعَمَ
ابْنُ مَالِكٍ أَنَّ " مَا " تَكُونُ شَرْطًا ظَرْفَ زَمَانٍ . وَقَدْ رَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ ابْنُهُ
بَدْرُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ فِي بَعْضِ تَعَالِيقِهِ ، وَتَأَوَّلَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ وَالِدُهُ ، وَتَأَوَّلْنَا نَحْنُ بَعْضَ ذَلِكَ بِخِلَافِ تَأْوِيلِ ابْنِهِ ، وَذَلِكَ كُلُّهُ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ ( التَّكْمِيلِ ) مِنْ تَآلِيفِنَا . عَلَى أَنَّ
ابْنَ مَالِكٍ ذَكَرَ أَنَّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ لَا يَقُولُهُ النَّحْوِيُّونَ ، وَإِنَّمَا اسْتَنْبَطَ هُوَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْفُصَحَاءِ عَلَى زَعْمِهِ . وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ " مَا " فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ ) اسْمًا مَوْصُولًا ، وَالتَّقْدِيرُ : إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ اللَّاتِي لَمْ تَمَسُّوهُنَّ ، فَلَا يَكُونُ لَفْظُ " مَا " شَرْطًا ، وَهَذَا ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّ " مَا " إِذْ ذَاكَ تَكُونُ وَصْفًا لِلنِّسَاءِ ؛ إِذْ قَدَّرَهَا بِمَعْنَى اللَّاتِي ، وَ " مَا " مِنَ الْمَوْصُولَاتِ الَّتِي لَا يُوصَفُ بِهَا بِخِلَافِ الَّذِي وَالَّتِي . وَكَنَّى بِالْمَسِيسِ عَنِ الْمُجَامَعَةِ تَأْدِيبًا لِعِبَادِهِ فِي اخْتِيَارِ أَحْسَنِ الْأَلْفَاظِ فِيمَا يَتَخَاطَبُونَ بِهِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ) ، الْفَرِيضَةُ هُنَا هُوَ الصَّدَاقُ ، وَفَرْضُهُ : تَسْمِيَتُهُ . وَ " أَوْ " عَلَى بَابِهَا مِنْ كَوْنِهَا تَأْتِي لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ ، أَوْ لِأَشْيَاءَ ، وَالْفِعْلُ بَعْدَهَا مَعْطُوفٌ عَلَى " تَمَسُّوهُنَّ " فَهُوَ مَجْزُومٌ ، أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَصْدَرٍ مُتَوَهَّمٍ ، فَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى إِضْمَارِ أَنَّ بَعْدَ أَوْ ، بِمَعْنَى إِلَّا . التَّقْدِيرُ : مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ إِلَّا أَنْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ، أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى جُمْلَةٍ مَحْذُوفَةٍ ، التَّقْدِيرُ : فَرَضْتُمْ أَوْ لَمْ تَفْرِضُوا ، أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَالْفِعْلُ مَجْزُومٌ مَعْطُوفٌ عَلَى " تَمَسُّوهُنَّ " أَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ : الْأَوَّلُ لِ
ابْنِ عَطِيَّةَ وَغَيْرِهِ ، وَالثَّانِي
nindex.php?page=showalam&ids=14423لِلزَّمَخْشَرِيِّ وَالثَّالِثُ لِبَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَمْ يُسَمِّ ، وَالرَّابِعُ
لِلسَّجَاوَنْدِيِّ وَغَيْرِهِ . فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ : يَنْتَفِي الْجُنَاحُ عَنِ الْمُطْلَقِ عِنْدَ انْتِفَاءِ أَحَدِ أَمْرَيْنِ : إِمَّا الْجِمَاعِ ، وَإِمَّا تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ ؛ أَمَّا عِنْدَ انْتِفَاءِ الْجِمَاعِ فَصَحِيحٌ ؛ وَأَمَّا عِنْدَ انْتِفَاءِ تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ فَالْحُكْمُ لَيْسَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا الَّتِي لَمْ يُسَمَّ لَهَا مَهْرٌ - وَهِيَ الْمُفَوَّضَةُ - إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا لَا يَنْتَفِي الْجُنَاحُ عَنْهُ . وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يَنْتَفِي الْجُنَاحُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْجِمَاعِ إِلَّا إِنْ فُرِضَ لَهَا مَهْرٌ ؛ فَلَا يَنْتَفِي الْجُنَاحُ ، وَإِنِ انْتَفَى الْجِمَاعُ ؛ لِأَنَّهُ
[ ص: 232 ] اسْتَثْنَى مِنَ الْحَالَاتِ الَّتِي يَنْتَفِي فِيهَا الْجُنَاحُ حَالَةَ فَرْضِ الْفَرِيضَةِ ؛ فَيَثْبُتُ فِيهَا الْجُنَاحُ . وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ : يَنْتَفِي الْجُنَاحُ بِانْتِفَاءِ الْجِمَاعِ فَقَطْ ، سَوَاءٌ فَرَضَ أَمْ لَمْ يَفْرِضْ ، وَقَالُوا : الْمُرَادُ هُنَا بِالْجُنَاحِ لُزُومُ الْمَهْرِ ؛ فَيَنْتَفِي ذَلِكَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْجِمَاعِ ، فَرَضَ مَهْرًا أَوْ لَمْ يَفْرِضْ ؛ لِأَنَّهُ إِنْ فَرَضَ انْتَقَلَ إِلَى النِّصْفِ ، وَإِنْ لَمْ يَفْرِضْ ، فَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ ؛ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15741حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=11174طَلَّقَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا ، وَلَمْ يَكُنْ فَرَضَ لَهَا أُجْبِرَ عَلَى نِصْفِ صَدَاقِ مِثْلِهَا ، وَقَالَ غَيْرُهُ : لَيْسَ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ ، وَلَكِنِ الْمُتْعَةُ . وَفِي هَذَا الْقَوْلِ الثَّالِثِ حَذْفُ جُمْلَةٍ ، وَهِيَ قَوْلُهُ : فَرَضْتُمْ ، وَإِضْمَارُ " لَمْ " بَعْدَ " أَوْ " ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ إِلَّا إِذَا عُطِفَ عَلَى مَجْزُومٍ ، نَحْوَ : لَمْ أَقُمْ وَأَرْكَبْ ، عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَجْعَلُ الْعَامِلَ فِي الْمَعْطُوفِ مُقَدَّرًا بَعْدَ حَرْفِ الْعَطْفِ . وَعَلَى الْقَوْلِ الرَّابِعِ : يَنْتَفِي الْجُنَاحُ بِانْتِفَاءِ الْجِمَاعِ وَتَسْمِيَةِ الْمَهْرِ مَعًا ، فَإِنْ وُجِدَ الْجِمَاعُ وَانْتَفَتِ التَّسْمِيَةُ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا ، وَإِنِ انْتَفَى الْجِمَاعُ وَوُجِدَتِ التَّسْمِيَةُ فَنَصِفُ الْمُسَمَّى ، فَيَثْبُتُ الْجُنَاحُ إِذْ ذَاكَ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ ، وَيَنْتَفِي بِانْتِفَائِهِمَا ؛ وَيَكُونُ الْجُنَاحُ إِذْ ذَاكَ يُطْلَقُ عَلَى مَا يَلْزَمُ الْمُطَلِّقَ بِاعْتِبَارِ هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ . وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=11698الطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ ، وَالظَّاهِرُ جَوَازُ
nindex.php?page=treesubj&link=11750طَلَاقِ الْحَائِضِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى انْتِفَاءِ الْحَرَجِ فِي طَلَاقِهِنَّ عُمُومًا ، سَوَاءٌ كُنَّ حُيَّضًا أَمْ لَا ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ
مَالِكٍ ،
وَلِمَالِكٍ قَوْلٌ يَمْنَعُ مِنْ طَلَاقِ الْحَائِضِ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا ، وَمَوْتُ الزَّوْجِ قَبْلَ الْبِنَاءِ ، وَقَبْلَ الْفَرْضِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ طَلَاقِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَبْلَ الْفَرْضِ ، فَلَيْسَ لَهَا مَهْرٌ وَلَا مِيرَاثٌ ، قَالَهُ
مَسْرُوقٌ ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ . وَقَالَ
عَلِيٌّ ،
وَزَيْدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنُ عُمَرَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760وَالْأَوْزَاعِيُّ ،
وَمَالِكٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ : لَهَا الْمِيرَاثُ ، وَلَا صَدَاقَ لَهَا ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ ،
وَأَبُو حَنِيفَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ ،
وَأَحْمَدُ ،
وَإِسْحَاقُ : لَهَا صَدَاقُ مِثْلِ نِسَائِهَا ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ . وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ
nindex.php?page=treesubj&link=11189نِكَاحِ التَّفْوِيضِ ، وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَسَّمَ حَالَ الْمُطَلَّقَةِ إِلَى قِسْمَيْنِ : مُطَلَّقَةٍ لَمْ يُسَمَّ لَهَا ، وَمُطَلَّقَةٍ سُمِّيَ لَهَا ، فَإِنْ لَمْ يَفْرِضْ لَهَا - وَوَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ - لَمْ يَجِبْ لَهَا صَدَاقٌ إِجْمَاعًا ، قَالَهُ الْقَاضِي
nindex.php?page=showalam&ids=12815أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ خِلَافُ
nindex.php?page=showalam&ids=15741حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ فِي ذَلِكَ ، وَأَنَّ لَهَا نِصْفَ صَدَاقِ مِثْلِهَا ، وَإِنْ فَرَضَ لَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا لَمْ يَلْزَمْهَا تَسْلِيمُ نَفْسِهَا ، أَوْ مَهْرَ مِثْلِهَا لَزِمَهَا التَّسْلِيمُ ، وَلَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ صَدَاقَهَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13719أَبُو بَكْرٍ الْأَصَمُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14416وَأَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ : هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=11158عَقْدَ النِّكَاحِ بِغَيْرِ مَهْرٍ جَائِزٌ . وَقَالَ الْقَاضِي : لَا تَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ ، لَكِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ ، أَمَّا دَلَالَتُهَا عَلَى الصِّحَّةِ فَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا لَمْ يَكُنِ الطَّلَاقُ مَشْرُوعًا ، وَلَمْ تَكُنِ النَّفَقَةُ لَازِمَةً ؛ وَأَمَّا أَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ ، فَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الصِّحَّةِ الْجَوَازُ ؛ بِدَلِيلِ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي زَمَانِ الْحَيْضِ حَرَامٌ ، وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ وَاقِعٌ صَحِيحٌ .
( وَمَتِّعُوهُنَّ ) ، أَيْ : مَلِّكُوهُنَّ مَا يَتَمَتَّعْنَ بِهِ ، وَذَلِكَ الشَّيْءُ يُسَمَّى مُتْعَةً ، وَظَاهِرُ هَذَا الْأَمْرِ الْوُجُوبُ ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ :
عَلِيٍّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنِ عُمَرَ ،
وَالْحَسَنِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنِ جُبَيْرٍ ،
وَأَبِي قِلَابَةَ ،
وَقَتَادَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ . وَحَمَلَهُ عَلَى النَّدْبِ :
شُرَيْحٌ ،
وَالْحَكَمُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وَابْنُ أَبِي لَيْلَى ،
وَمَالِكٌ ،
وَاللَّيْثُ ،
وَأَبُو عُبْيَدٍ . وَالضَّمِيرُ الْفَاعِلُ فِي : ( وَمَتِّعُوهُنَّ ) لِلْمُطَلِّقِينَ ، وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ ضَمِيرُ الْمُطَلَّقَاتِ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَقَبْلَ الْفَرْضِ ؛ فَيَجِبُ لَهُنَّ الْمُتْعَةُ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنُ عُمَرَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11867وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ ،
وَالْحَسَنُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ ،
وَأَحْمَدُ ،
وَإِسْحَاقُ ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ . وَتُنْدَبُ فِي حَقِّ غَيْرِهِنَّ مِنَ الْمُطَلَّقَاتِ . وَرُوِيَ عَنْ :
عَلِيٍّ ،
وَالْحَسَنِ ،
وَأَبِي الْعَالِيَةِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيِّ :
nindex.php?page=treesubj&link=11227لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مُتْعَةٌ ، فَإِنْ كَانَ فُرِضَ لَهَا وَطُلِّقَتْ قَبْلَ الْمَسِيسِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ ،
وَشُرَيْحٌ ،
وَإِبْرَاهِيمُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17002وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ : لَا مُتْعَةَ لَهَا ، بَلْ حَسْبُهَا نِصْفُ مَا فُرِضَ لَهَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11956أَبُو ثَوْرٍ : لَهَا الْمُتْعَةُ ، وَلِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ . وَاخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ ، فَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ ،
وَأَبُو يُوسُفَ ،
وَزُفَرُ ،
وَمُحَمَّدٌ : الْمُتْعَةُ وَاجِبَةٌ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَمْ يُسَمَّ لَهَا ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا مَتَّعَهَا ، وَلَا
[ ص: 233 ] يُجْبَرُ عَلَيْهَا ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14117وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760وَالْأَوْزَاعِيِّ ، إِلَّا أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إِذَا كَانَ مَمْلُوكًا لَمْ تَجِبِ الْمُتْعَةُ ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابْنُ أَبِي لَيْلَى ،
وَأَبُو الزِّنَادِ : الْمُتْعَةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ ، وَلَمْ يُفَرِّقَا بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَبَيْنَ مَنْ سُمِّيَ لَهَا وَمَنْ لَمْ يُسَمَّ لَهَا . وَقَالَ
مَالِكٌ : الْمُتْعَةُ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَدْخُولٍ بِهَا وَغَيْرِ مَدْخُولٍ ، إِلَّا الْمُلَاعِنَةُ ، وَالْمُخْتَلِعَةُ ، وَالْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ فُرِضَ لَهَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : الْمُتْعَةُ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ إِذَا كَانَ الْفِرَاقُ مِنْ قِبَلِهِ ، إِلَّا الَّتِي سَمَّى لَهَا وَطَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ . وَقَالَ
أَحْمَدُ : يَجِبُ لِلْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ لَهَا مَهْرٌ ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَا مُتْعَةَ ، وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ . وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيِّ ،
وَأَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَ
عَطَاءٌ ،
وَالنَّخَعِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ أَيْضًا : لِلْمُخْتَلِعَةِ مُتْعَةٌ . وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ : لِلْمُلَاعِنَةِ مُتْعَةٌ . وَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : لَا مُتْعَةَ فِي نِكَاحٍ مَنْسُوخٍ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12927ابْنُ الْمَوَّازِ : وَلَا فِيمَا يَدْخُلُهُ الْفَسْخُ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ ، مِثْلُ مِلْكِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ . وَرَوَى
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ
مَالِكٍ : أَنَّ الْمُخَيَّرَةَ لَهَا الْمُتْعَةُ ، بِخِلَافِ الْأَمَةِ تُعْتَقُ تَحْتَ الْعَبْدِ ؛ فَتَخْتَارُ ؛ فَهَذِهِ لَا مُتْعَةَ لَهَا . وَظَاهِرُ الْآيَةِ : أَنَّ الْمُتْعَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا لِإِحْدَى مُطَلَّقَتَيْنِ : مُطَلَّقَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ ، سَوَاءٌ فَرَضَ لَهَا أَوْ لَمْ يَفْرِضْ . وَمُطَلَّقَةٍ قَبْلَ الْفَرْضِ ، سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ . وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=241وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ) إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236nindex.php?page=treesubj&link=28973عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ ) ، هَذَا مِمَّا يُؤَكِّدُ الْوُجُوبَ فِي الْمُتْعَةِ ؛ إِذْ أَتَى بَعْدَ الْأَمْرِ الَّذِي هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْوُجُوبِ بِلَفْظَةِ " عَلَى " الَّتِي تُسْتَعْمَلُ فِي الْوُجُوبِ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ) . وَالْمُوسِعُ : الْمُوسِرُ . وَالْمُقْتِرُ : الضَّيِّقُ الْحَالِ ، وَظَاهِرُهُ
nindex.php?page=treesubj&link=11231اعْتِبَارُ حَالِ الزَّوْجِ ، فَمَنِ اعْتَبَرَ ذَلِكَ بِحَالِ الزَّوْجَةِ دُونَ الزَّوْجِ ، أَوْ بِحَالِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلظَّاهِرِ ، وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْقَدْرُ مُبْهَمًا ، فَطَرِيقُهُ الِاجْتِهَادُ وَغَلَبَةُ الظَّنِّ ؛ إِذْ لَمْ يَأْتِ فِيهِ بِشَيْءٍ مُؤَقَّتٍ . وَمَعْنَى " قَدَرُهُ " : مِقْدَارُ مَا يُطِيقُهُ الزَّوْجُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ :
nindex.php?page=treesubj&link=11231أَدْنَاهَا ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا أَوْ شِبْهُهَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : أَرْفَعُهَا خَادِمٌ ثُمَّ كِسْوَةٌ ثُمَّ نَفَقَةٌ ، وَقَالَ
عَطَاءٌ : مِنْ أَوْسَطِ ذَلِكَ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : يُمَتِّعُ كُلٌّ عَلَى قَدَرِهِ ، هَذَا بِخَادِمٍ ، وَهَذَا بِأَثْوَابٍ ، وَهَذَا بِثَوْبٍ ، وَهَذَا بِنَفَقَةٍ ، وَهَذَا قَوْلُ
مَالِكٍ . وَمَتَّعَ
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ بِعِشْرِينَ أَلْفًا وَزِقَاقٍ مِنْ عَسَلٍ ، وَمَتَّعَ
عَائِشَةَ الْخَثْعَمِيَّةَ بِعَشَرَةِ آلَافٍ ، فَقَالَتْ : مَتَاعٌ قَلِيلٌ مِنْ حَبِيبٍ مُفَارِقٍ ، وَمَتَّعَ
شُرَيْحٌ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ . وَقَالَ
ابْنُ مُجِيزٍ : عَلَى صَاحِبِ الدِّيوَانِ ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابْنُ الْمُسَيَّبِ :
nindex.php?page=treesubj&link=11231أَفْضَلُ الْمُتْعَةِ خِمَارٌ ، وَأَوْضَعُهَا ثَوْبٌ . وَقَالَ
حَمَّادٌ : يُمَتِّعُهَا بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا . وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ
قَالَ لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا : ( أَمَتَّعْتَهَا ) قَالَ : لَمْ يَكُنْ عِنْدِي شَيْءٌ ، قَالَ : ( مَتِّعْهَا بِقَلَنْسُوَتِكَ ) . وَعِنْدَ
أَبِي حَنِيفَةَ لَا تَنْقُصُ عَنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الْمَهْرِ عِنْدَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ ، فَلَا يَنْقُصُ مِنْ نِصْفِهَا . وَقَدْ مَتَّعَ
nindex.php?page=showalam&ids=38عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ زَوْجَهُ
أُمَّ أَبِي سَلَمَةَ ابْنِهِ بِخَادِمٍ سَوْدَاءَ . وَهَذِهِ الْمَقَادِيرُ كُلُّهَا صَدَرَتْ عَنِ اجْتِهَادِ رَأْيِهِمْ ، فَلَمْ يُنْكِرْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ مَا صَارَ إِلَيْهِ ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ عِنْدَهُمْ عَلَى مَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ الِاجْتِهَادُ ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ تَقْوِيمِ الْمُتْلَفَاتِ وَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا مَقَادِيرُ مَعْلُومَةٌ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى مَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ الِاجْتِهَادُ ، وَهِيَ مِنْ مَسْأَلَةِ تَقْوِيمِ الْمُتْلَفَاتِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : " عَلَى الْمُوسِعِ " اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَوْسَعَ . وَقَرَأَ
أَبُو حَيْوَةَ : " الْمُوَسَّعِ " بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالسِّينِ وَتَشْدِيدِهَا ، اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ وَسَّعَ . وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ ،
وَنَافِعٌ ،
وَأَبُو عَمْرٍو ،
وَأَبُو بَكْرٍ : " قَدْرُهُ " بِسُكُونِ الدَّالِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ . وَقَرَأَ
حَمْزَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ،
وَابْنُ عَامِرٍ ،
وَحَفْصٌ ،
وَيَزِيدُ ،
وَرَوْحٌ : بِفَتْحِ الدَّالِ فِيهِمَا ، وَهُمَا لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ بِمَعْنًى ، حَكَاهُمَا
أَبُو زَيْدٍ وَالْأَخْفَشُ وَغَيْرُهُمَا ، وَمَعْنَاهُ : مَا يُطِيقُهُ الزَّوْجُ ، وَعَلَى أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَكْثَرُ أَئِمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَقِيلَ : السَّاكِنُ مَصْدَرٌ ، وَالْمُتَحَرِّكُ اسْمٌ ، كَالْعَدِّ وَالْعَدَدِ ، وَالْمَدِّ وَالْمَدَدِ . وَكَانَ الْقَدْرُ بِالتَّسْكِينِ : الْوُسْعُ ، يُقَالُ : هُوَ يُنْفِقُ عَلَى قَدْرِهِ ،
[ ص: 234 ] أَيْ : وُسْعِهِ ، قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ بِالتَّحْرِيكِ إِذَا كَانَ مُسَاوِيًا لِلشَّيْءِ ، يُقَالُ : هَذَا عَلَى قَدَرِ هَذَا . وَقُرِئَ : " قَدَرَهُ " بِفَتْحِ الرَّاءِ ، وَجَوَّزُوا فِي نَصْبِهِ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ انْتَصَبَ عَلَى الْمَعْنَى ؛ لِأَنَّ مَعْنَى : ( وَمَتِّعُوهُنَّ ) لِيُؤَدِّ كُلٌّ مِنْكُمْ قَدْرَ وُسْعِهِ ، وَالثَّانِي : عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ ، التَّقْدِيرُ : وَأَوْجِبُوا عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرَهُ . وَفِي
السَّجَاوَنْدِيِّ : وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ : " قَدَرَهُ " ، أَيْ : قَدَّرَهُ اللَّهُ . انْتَهَى . وَهَذَا يُظْهِرُ أَنَّهُ قَرَأَ بِفَتْحِ الدَّالِ وَالرَّاءِ ، فَتَكُونُ إِذْ ذَاكَ فِعْلًا مَاضِيًا ، وَجَعَلَ فِيهِ ضَمِيرًا مُسْتَكِنًّا يَعُودُ عَلَى اللَّهِ ، وَجَعَلَ الضَّمِيرَ الْمَنْصُوبَ عَائِدًا عَلَى الْإِمْتَاعِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ : ( وَمَتِّعُوهُنَّ ) ، وَالْمَعْنَى : أَنَّ اللَّهَ قَدَّرَ وَكَتَبَ الْإِمْتَاعَ عَلَى الْمُوسِعِ وَعَلَى الْمُقْتِرِ . وَفِي الْجُمْلَةِ ضَمِيرٌ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ : عَلَى الْمُوسِعِ مِنْكُمْ ، وَقَدْ يُقَالُ إِنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ نَابَتْ عَنِ الضَّمِيرِ ، أَيْ : عَلَى مُوسِعِكُمْ وَعَلَى مُقْتِرِكُمْ ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَأْنَفَةً بَيَّنَتْ حَالَ الْمُطَلِّقِ فِي الْمُتْعَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى إِيسَارِهِ وَإِقْتَارِهِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ ، وَذُو الْحَالِ هُوَ الضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ وَفِي قَوْلِهِ : ( وَمَتِّعُوهُنَّ ) ، وَالرَّابِطُ هُوَ ذَلِكَ الضَّمِيرُ الْمَحْذُوفُ الَّذِي قَدَّرْنَاهُ " مِنْكُمْ " . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ ) ، قَالُوا : انْتَصَبَ مَتَاعًا عَلَى الْمَصْدَرِ ، وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ الْمَتَاعَ هُوَ مَا يُمَتَّعُ بِهِ ، فَهُوَ اسْمٌ لَهُ ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْمَصْدَرِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ ، وَالْعَامِلُ فِيهِ : ( وَمَتِّعُوهُنَّ ) ، وَلَوْ جَاءَ عَلَى أَصْلِ مَصْدَرِ : ( وَمَتِّعُوهُنَّ ) لَكَانَ تَمْتِيعًا ، وَكَذَا قَدَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ . وَجَوَّزُوا فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى الْحَالِ ، وَالْعَامِلُ فِيهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ ، وَصَاحِبُ الْحَالِ الضَّمِيرُ الْمُسْتَكِنُّ فِي ذَلِكَ الْعَامِلِ ، وَالتَّقْدِيرُ : قَدَرُ الْمُوسِعِ يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ فِي حَالِ كَوْنِهِ مَتَاعًا ، وَبِالْمَعْرُوفِ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ " وَمَتِّعُوهُنَّ " ، أَوْ بِمَحْذُوفٍ ؛ فَيَكُونُ صِفَةً لِقَوْلِهِ " مَتَاعًا " ، أَيْ مُلْتَبِسًا بِالْمَعْرُوفِ ، وَالْمَعْرُوفُ هُوَ الْمَأْلُوفُ شَرْعًا وَمُرُوءَةً ، وَهُوَ مَا لَا حَمْلَ لَهُ فِيهِ عَلَى الْمُطْلَقِ وَلَا تَكَلُّفَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ) ، هَذَا يُؤَكِّدُ أَيْضًا وُجُوبَ الْمُتْعَةِ ، وَالْمُرَادُ إِحْسَانُ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ إِحْسَانُ الْعِشْرَةِ ؛ فَيَكُونُ اللَّهُ سَمَّاهُمْ مُحْسِنِينَ قَبْلَ الْفِعْلِ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُونَ إِلَيْهِ مِنَ الْإِحْسَانِ ، نَحْوَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10373981مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ ) . وَانْتِصَابُ " حَقًّا " عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِـ مَتَاعًا ، أَيْ : مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ وَاجِبًا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ، أَوْ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ تَقْدِيرُهُ : حَقَّ ذَلِكَ حَقًّا ، أَوْ حَالًا مِمَّا كَانَ حَالًا مِنْهُ مَتَاعًا ، أَوْ مِنْ قَوْلِهِ " بِالْمَعْرُوفِ " ، أَيْ : بِالَّذِي عُرِفَ فِي حَالِ كَوْنِهِ عَلَى الْمُحْسِنِينَ .