باب ذكر تغليظ اللامات  
تقدم أن  تغليظ اللام   تسمين حركتها . والتفخيم مرادفه ، إلا أن التغليظ في اللام والتفخيم في الراء . والترقيق ضدهما . وقد تطلق عليه الإمالة مجازا . وقولهم :  الأصل في اللام الترقيق   أبين من قولهم في  الراء إن أصلها التفخيم   ، وذلك أن اللام لا تغلظ إلا لسبب ، وهو مجاورتها حرف الاستعلاء وليس تغليظها إذ ذاك ، بلازم ، بل ترقيقها إذا لم تجاور حرف الاستعلاء اللازم .  
وقد اختص المصريون بمذهب عن   ورش  في اللام ، ولم يشاركهم فيها سواهم . ورووا من طريق  الأزرق  ، وغيره عن   ورش  تغليظ اللام إذا جاورها حرف تفخيم واتفق الجمهور منهم على  تغليظ اللام إذا تقدمها صاد   ، أو طاء ، أو ظاء بشروط ثلاثة ، وهي : أن تكون اللام مفتوحة وأن يكون أحد هذه الحروف الثلاثة مفتوحا  
 [ ص: 112 ] ، أو ساكنا ، واختلفوا في غير ذلك . وشذ بعضهم فيها بما لم يروه غيره وسيرد عليك جميع ذلك مبينا .  
( أما الصاد )المفتوحة فتكون اللام بعدها مخففة ومشددة فالوارد من المخففة في القرآن  الصلاة   ، و  صلوات   ، و  صلاتهم   ، و  صلح   ، و  فصلت   و  يوصل      ; و  فصل طالوت   ، و  فصل   ، و  مفصلا   ، و  مفصلات   ، و ما صلبوه والوارد من المشددة  صلى   ، و  يصلي   ، و  مصلى   ، و  يصلبوا      .  
ووردت مفصولا بينها وبين الصاد بألف في موضعين ( يصالحا ) ، و  فصالا      .  
( والصاد ) الساكنة الوارد منها في القرآن  تصلى      . و  سيصلى      . و  يصلاها      . و سيصلون و  يصلونها   و  اصلوها   ، و  فيصلب      . و  من أصلابكم      . و أصلح . و أصلحوا . و  إصلاحا   و  الإصلاح   وفصل الخطاب      .  
(  وأما الطاء ) المفتوحة فتكون اللام بعدها أيضا خفيفة وشديدة      . فالوارد في القرآن من الخفيفة  الطلاق      . و انطلق و  انطلقوا      . و اطلع . و  فاطلع      . و بطل ، و  معطلة   ، و  طلبا   والوارد من الشديدة المطلقات . و  طلقتم   و  طلقكن      . و  طلقها   ووردت مفصولا بينها وبين اللام في حرف واحد ، وهو  طال   والطاء الساكنة الوارد منها في القرآن موضع واحد ، وهو  مطلع الفجر   فقط ( وأما الظاء ) فتكون اللام بعدها أيضا خفيفة وشديدة ، فالوارد من الخفيفة في القرآن  ظلم   ، و  ظلموا   ،  وما ظلمناهم   ، ومن المشددة ظلام ، و ظللنا و  ظلت   ، و  ظل وجهه      .  
" والظاء الساكنة " ورد منها في القرآن  ومن أظلم   ،  وإذا أظلم   ،  ولا يظلمون   ،  فيظللن   فغلظ   ورش  من طريق  الأزرق  اللام في ذلك كله . وروى بعضهم ترقيقها مع الطاء عنه كالجماعة ، وهو الذي في العنوان والمجتبى والتذكرة ، وإرشاد  ابن غلبون  ، وبه قرأ  الداني  على شيخه  أبي الحسن بن غلبون  ، وبه قرأ   مكي  على  أبي الطيب  إلا أن صاحب التجريد استثنى من قراءته على  عبد الباقي  من طريق  ابن هلال  الطلاق   ، و  طلقتم   ، ومنهم من رققها بعد  
 [ ص: 113 ] الظاء ، وهو الذي في التجريد وأحد الوجهين في الكافي . وفصل في الهداية فرقق إذا كانت الظاء مفتوحة نحو :  ظلموا   ،  وظللنا   وفخمها إذا كانت ساكنة نحو :  أظلم   ، و يظللن . وذكر   مكي  ترقيقها بعدها إذا كانت مشددة من قراءته على  أبي الطيب  قال : وقياس نص كتابه يدل على تغليظها وإن كانت مشددة .  
وقال الحافظ   أبو عمرو الداني  ما نصه : وجماعة من أصحاب  ابن هلال  كالأذفوي  لا يفخمها إلا مع الصاد المهملة . ( واختلفوا ) في ما إذا وقع بعد اللام ألف ممالة نحو :  صلى   ، و  سيصلى   ، و  مصلى   ، و  يصلاها      . فروى بعضهم تغليظها من أجل الحرف قبلها . وروى بعضهم ترقيقها من أجل الإمالة ففخمها في التبصرة ، والكافي ، والتذكرة ، والتجريد ، وغيرها . ورققها في المجتبى ، وهو مقتضى العنوان ، والتيسير ، وهو في تلخيص أبي معشر  أقيس . والوجهان في الكافي ، وتلخيص  ابن بليمة  ، والشاطبية ، والإعلان ، وغيرها . وفصل آخرون في ذلك بين رءوس الآي ، وغيرها . فرققوها في رءوس الآي للتناسب وغلظوها في غيرها لوجود الموجب قبلها ، وهو الذي في التبصرة ، وهو الاختيار في التجريد والأرجح في الشاطبية . والأقيس في التيسير ، وقطع أيضا به في الكافي إلا أنه أجرى الوجهين في غير رءوس الآي والذي وقع من ذلك رأس آية ثلاث مواضع :  فلا صدق ولا صلى   في القيامة  وذكر اسم ربه فصلى   في سبح  إذا صلى   في العلق . والذي وقع منه غير رأس آية سبعة مواضع  مصلى   في البقرة حالة الوقف ، وكذا :  يصلى النار   في سبح ويصلاها في الإسراء والليل  ويصلى   في الانشقاق ، و  تصلى   في الغاشية و  سيصلى   في المسد . ( واختلفوا ) في ما إذا حال بين الحرف وبين اللام فيه ألف ، وذلك في ثلاثة مواضع : موضعان مع الصاد ، وهما  فصالا   ، و ( يصالحا ) وموضع مع الطاء ، وهو  طال      . في طه  أفطال عليكم العهد   ، وفي الأنبياء  حتى طال عليهم العمر   ، وفي الحديد  فطال عليهم الأمد   ، فروى كثير منهم ترقيقها من أجل الفاصل بينهما ، وهو الذي في التيسير ، والعنوان ،  
 [ ص: 114 ] والتذكرة ، وتلخيص  ابن بليمة  والتبصرة ، وأحد الوجهين في الهداية والهادي ، والتجريد ، من قراءته على  عبد الباقي  ، وفي الكافي ، وتلخيص  أبي معشر     . وروى الآخرون تغليظها اعتدادا بقوة الحرف المستعلي ، وهو الأقوى قياسا والأقرب إلى مذهب رواة التفخيم . وهو اختيار  الداني  في غير التيسير . وقال في الجامع : إنه الأوجه . وقال صاحب الكافي : إنه أشهر . وقال  أبو معشر الطبري     : إنه أقيس . والوجهان جميعا في الشاطبية ، والتجريد ، والكافي ، والتلخيص ، وجامع البيان إلا أن صاحب التجريد أجرى الوجهين مع الصاد ، وقطع بالترقيق مع الطاء على أصله . واختلفوا أيضا في اللام المتطرفة إذا وقف عليها ، وذلك في ستة أحرف ، وهي  أن يوصل   في البقرة والرعد و  فلما فصل   في البقرة  وقد فصل لكم   في الأنعام ،  وبطل   في الأعراف و  ظل   في النحل ، والزخرف  وفصل الخطاب   في ص . فروى جماعة الترقيق في الوقف ، وهو الذي في الكافي ، والهداية ، والهادي ، والتجريد ، وتلخيص العبارات . وروى آخرون التغليظ ، وهو الذي في العنوان والمجتبى والتذكرة ، وغيرها . والوجهان جميعا في التيسير ، والشاطبية ، وتلخيص  أبي معشر     . وقال  الداني     : إن التفخيم أقيس في جامع البيان أوجه .  
( قلت ) : والوجهان صحيحان في هذا الفصل والذي قبله . والأرجح فيهما التغليظ لأن الحاجز في الأول ألف وليس بحصين ، ولأن السكون عارض ، وفي التغليظ دلالة على حكم الوصل في مذهب من غلظ - والله أعلم - .  
واختلفوا أيضا في  تغليظ اللام من  صلصال    ، وهو في سورة الحجر والرحمن وإن كانت ساكنة لوقوعها بين الصادين فقطع بتفخيم اللام فيهما صاحب الهداية ، وتلخيص العبارات والهادي ، وأجرى الوجهين فيها صاحب التبصرة ، والكافي ، والتجريد ، وأبو معشر ، وقطع بالترقيق صاحب التيسير ، والعنوان ، والتذكرة ، والمجتبى ، وغيرها . وهو الأصح رواية وقياسا حملا على سائر اللامات السواكن . وقد شذ بعض المغاربة ، والمصريين فرووا تغليظ اللام في غير ما ذكرنا  
 [ ص: 115 ] ، فروى صاحب الهداية ، والكافي ، والتجريد ، تغليظها بعد الظاء والضاد الساكنتين إذا كانت مضمومة أيضا نحو  مظلوما   و  فضل الله   ، وروى بعضهم تغليظها إذا وقعت بين حرفي استعلاء نحو  خلطوا   ، و أخلصوا . و استغلظ ، و  المخلصين   ، و  الخلطاء   ، و اغلظ ذكره في الهداية ، والتجريد ، وتلخيص  ابن بليمة  ، وفي وجه في الكافي ورجحه ، وزاد أيضا تغليظها في  فاختلط   ،  وليتلطف   ، وزاد في التلخيص تغليظها في  تلظى   وشذ صاحب التجريد من قراءته على  عبد الباقي  فغلظ اللام من لفظ ( ثلاثة ) حيث وقع إلا في قوله عز وجل ثلاثة آلاف ،  وثلاث ورباع   ، و  ظلمات ثلاث   ،  ظل ذي ثلاث شعب      .  
				
						
						
