الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتغلب على القلق واضطرابات النظر أثناء التحدث؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شكرًا جزيلًا على تعاونكم معي، وأود أن أطرح عليكم مشكلتي.

أعاني من اضطرابات في النظر؛ فعندما أتحدث مع شخص، أنظر إلى عينه اليمنى مرة، وإلى عينه اليسرى مرة، ثم أنظر إلى الأسفل، مع العلم أن عينّي سليمتان، وتركيزي مع المتحدث يكاد يكون معدومًا.

ولا أعرف إلى أين أوجه نظري، هل أنظر إلى من يحدثني دائمًا أم لا، وإلى أي مكان أنظر؟ فقدت الإحساس الطبيعي الذي كنت أشعر به أثناء الكلام، والآن لا أستطيع التعبير عن كلامي بشكل جيد.

وأخاف من التحدث مع الناس لكي لا أنظر إلى أعينهم، وأشعر بقلق وتوتر بسبب عدم استقراري في مكان واحد، كنت اجتماعيًا، والآن أصبحت منعزلًا وقليل الكلام بسبب فراغ أفكاري.

علمًا أنني أتلقى علاجًا عند طبيب، وقد وصف لي دواءً اسمه "أبيكسيدون" (ريسبيريدون)، وانتهيت من تناوله منذ شهرين ونصف، والآن أتناول دواء "ايببركس" نهارًا، و"بريانيل آر سي" مساءً.

أرجو إفادتي، وشكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد حاولت أن أجد رابطًا بين هذه الأعراض التي ذكرتها، وهي عدم تمكنك من التركيز والنظر بصورة اجتماعية، أي أن تنظر إلى الشخص في وجهه حين تتحدث إليه، وكذلك ما ظهر لديك من مخاوف من المواجهة للدرجة التي جعلتك تتجنب النظر إلى الناس في وجوههم، ولا تحس بالارتياح للتفاعل معهم.

ولذلك، أصبحت تفضِّل أن تكون بمفردك، وتعاني من عدم القدرة على الكلام في هذه المواقف الاجتماعية، وقد أعطاك الأطباء بعض الأدوية، ولكنك لم تذكر لي نتيجة العلاج بصفة عامة، ويبدو أنك لم تحس بتحسن كبير.

من وجهة نظري، ما تعاني منه هو نوع من المخاوف الوسواسية، وأن هذا الأمر قد شغلك كثيرًا، وأصبحت تفكر فيه للدرجة التي جعلت القلق يزيد لديك، وهذا تولد عنه ما يمكن أن نسميه بدرجة بسيطة من التجنب الاجتماعي.

الذي أنصحك به هو أن تتجاهل هذه الأعراض تمامًا، وعليك أن تقوم ببعض التدريبات السلوكية البسيطة: ضع مثلاً صورة شخص ما أمامك، وبعد ذلك تأمل أنك تخاطب هذا الشخص، انظر إليه في وجهه، ويمكنك أيضًا أن تستعمل اللغة الحركية، أي لغة اليدين، كأنك تخاطبه وتتكلم معه، ومثل هذا التمرين البسيط لا تعتقد أنه غير مجد، فهو تمرين مفيد وجيد.

وبعد ذلك يجب أن تنقل ذلك إلى الواقع، فحين تقابل أي شخص سلّم عليه، وتذكر أن تبسمك في وجهه صدقة، وبعد ذلك حاول قدر جهدك أن لا تركز على نظرك، ولا تركز على قسمات وجهه مثلاً، أو حركاته، بل ركز على ما تقوله.

والتواصل والتخاطب مع الناس هي عملية عفوية جدًّا، وإن كان التدريب يفيد الناس، وتذكر دائمًا أنك حين تنظر إلى شخص في وجهه، فهذا أمر مفيد، وليس من الضروري بالطبع أن يكون هذا النظر مركزًا وثابتًا، لا، يجب أن تحرك رأسك قليلاً، وتحرك عينيك يمينًا ويسارًا.

وكما ذكرت لك، حاول أن تستعمل اللغة الحركية عن طريق استعمال اليدين، وهذه أمور بسيطة، وأعتقد أن الجانب الوسواسي هو الذي سيطر عليك.

أنت أيضًا مطالب بتطوير التواصل والمهارات الاجتماعية، وذلك بواسطة حضور النشاطات والمحاضرات والندوات، وحبذا أيضًا لو انضممت إلى إحدى حلقات التلاوة، تلاوة القرآن الكريم، وهنا بالطبع سوف تنظر إلى المصحف حين القراءة وتتابع أيضًا حين يقرأ الآخرون، وفي نفس الوقت سوف تقوم بالنظر إليهم ما بين الفينة والفينة، وهذه المجالس يحس فيها الإنسان بالطمأنينة والراحة، مما يحسن من أدائه الاجتماعي.

عليك بممارسة الرياضة، خاصة الرياضة الجماعية، فهي تطور المهارات الاجتماعية جدًّا، وفوق ذلك بالطبع يجب أن تجتهد في دراستك، وأنصحك بالمذاكرة الجماعية من وقت لآخر؛ لأن المذاكرة الجماعية تفاعلية جدًّا، وبجانب الفائدة العلمية والأكاديمية التي سوف تحصل عليها، فسوف تتطور أيضًا مهاراتك الاجتماعية بإذن الله تعالى.

بالنسبة للعلاج الدوائي، أنت ذكرت أنك قد تناولت الـ (ريسبيريدون، Risperidone)، وهذا دواء معروف بالنسبة لي، ولكن قام الطبيب باستبداله الآن، إلَّا إن الأدوية الأخرى حقيقة ليست معروفة لدي؛ لأنك قد ذكرت الاسم التجاري فقط.

إذا كان أحد هذه الأدوية يتكون من الدواء الذي يعرف علميًا باسم (باروكستين، paroxetine)، ويسمى تجاريًا في مصر باسم (مودابكس، moodapex)، ربما يكون هو الدواء الجيد والأصلح بالنسبة لك، أما إذا كان الدواء من تركيبة أخرى فأرجو إفادتي باسمه العلمي، وسوف أقوم -إن شاء الله- بنصيحتك في هذا السياق.

ختامًا: نشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً