الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

غضبي الجامح أثر على حياتي الزوجية وصحتي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أعاني من عصبية زائدة، فالمواقف البسيطة تثير غضبي، ولا أستطيع التحكم بنفسي، حيث إني أبدأ بالصراخ، وبرمي ما بيدي أو ما حولي، أو بضرب نفسي، أو بشد شعري أو ملابسي أو تمزيقها.

بدأت هذه المشكلة ولاحظتها عندما كنت في الخامسة عشرة من عمري، وكنت أظنها سابقًا بسبب فترة المراهقة والبلوغ، ولكنني كبرت وما زالت ترافقني، وقد حاولت جاهدة أن أصبح هادئة، ولكني أفقد السيطرة، وعندما أغضب لا يزول الغضب بسهولة.

وقد استمرت هذه الحالة بعد زواجي أيضًا، وزوجي لم يعد يتحمل ذلك، وناقشني في الموضوع، وتحول النقاش إلى شجار طويل جدًا.

ومؤخرًا أحاول تجنب التعرض لمواقف تغضبني، وأحاول السيطرة على مشاعري، ولكني في أحد الأيام تعرضت لموقف مع أحد الأساتذة (أنا أدرس في الجامعة)، وشعرت حينها بالغضب، فذهبت إلى دورة المياه -أكرمكم الله- كي أهدئ من نفسي، فأنا أرتاح عندما أغسل وجهي بماء بارد، ولكن ما كان مني إلا أن كسرت المرآة، ولا أعلم لماذا فعلت ذلك؟ فبتصرفي هذا كأنني مراهقة.

أنا حقًا نادمة، فلم يذهب الغضب ولم أرتح، وعندما عدت إلى المنزل تناولت بعض القهوة واسترخيت، فشعرت بألم شديد في منطقة داخل الصدر، وكأنه ضيق ووجع وصعوبة في التنفس، ومنذ ذلك اليوم، كلما غضبت ثم ارتحت شعرت بذات الألم، وزوجي يلومني عندما يرى تصرفاتي، ويقول أنني لا أفكر، وأنني مجنونة، ليس برغبتي حقًا، ولكن الله المستعان، أريد حلاً جزاكم الله خيرًا.

علمًا بأني -ولله الحمد- لا أعاني من أية أمراض سواء المزمنة أو غيرها، ولا أريد تناول المهدئات وغيرها، فقط أريد حلاً جذريًا وتفسيرًا للألم.

وفقكم الله لما يحبه ويرضاه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ samr حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.

شخصيتك شخصية عُصابية، بمعنى أنها سريعة الغضب والاستثارة، وهذا النوع من الشخصيات المعروفة -أيتها الفاضلة الكريمة-.

العلاج والتغيير ممكن، ولكنه سوف يكون تدريجيًا، ولا أستطيع أن أقول لك إنه سيكون علاجًا جذريًّا، ولكن سوف يبقى شيء من العصبية وسرعة الانفعال، ولكن هذا يمكن أن يحوّل إلى طاقات إيجابية.

أولاً: يجب أن تراجعي نفسك حول هذا الأمر، ويجب أن تعرفي أنه توجد دائمًا حلول أخرى بدل الصِّراخ والانفعال، توجد حلول أخرى دائمًا، الشخص الذي يُستثار بسرعة دائمًا يفوت عليه أنه يمكن أن يتصرف تصرفًا آخر غير الذي تصرَّفه، فترويض النفس على البدائل دائمًا أفضل، لذا نصحنا رسول الله ﷺ بما يتعلق بإدارة الغضب بأن نبحث عن حلول أخرى، إذا كان الإنسان جالسًا فليقف، وإذا كان واقفًا فليجلس، وهكذا، وأن يتفل ثلاثًا جهة يساره، وأن يتوضأ ليُطفئ نار الغضب، وهكذا، إذن توجد حلول أخرى، وتوجد بدائل أخرى دائمًا تمتص الغضب، هذه نقطة أساسية.

الأمر الثاني -أيتها الفاضلة الكريمة-: ضعي نفسك في موقف الشخص الذي غضبتِ عليه أو في وجهه، ودرجة تقبُّله لما يحدث، قطعًا لا أحد يستطيع أن يتقبَّل هذا، روضي نفسك على هذه التمارين، والعبي هذه السيناريوهات والمواقف الدرامية في داخل عقلك، هذا يساعدك كثيرًا.

الأمر الثالث وهو: أهمية التعبير والتفريغ النفسي، النفس تحتقن كما تحتقن الأنف، لذا فالشخص الذي يُعبِّر أولا بأول دائمًا يَقِلُّ لديه الاحتقان النفسي.

الأمر الرابع: الدعاء والصبر، هذه أمور يجب أن يتعوَّد عليها الإنسان.

خامسًا: ممارسة التمارين الرياضية، أي نوع من الرياضة التي تناسب المرأة المسلمة.

سادسًا: أهمية حسن إدارة الوقت، لأن الإنسان الذي يُدير وقته بصورة جيدة يجعل فكره منجذبًا نحو ما هو إيجابي، ممَّا يُقلل الهشاشات والسلبيات النفسية خاصة العُصابية منها.

تمارين الاسترخاء أيضًا نعتبرها أمرًا مهمًّا جدًّا وأساسيًا، فحاولي أن تُطبقي هذه التمارين، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (2136015)، أرجو أن تطلعي عليها وعلى كل تفاصيلها، وإن شاء الله تعالى تجدين فيها فائدة كبيرة.

أنتِ ذكرتِ أنك حين تناولتِ القهوة أحسستِ بشيءٍ من الاسترخاء، أرجو أن أنبِّه أن الكافيين أحد المثيرات للأعصاب، خاصة إذا تناوله الإنسان بكميات كبيرة، فاحرصي ألا تتناولي كميات كبيرة من القهوة أو غيرها من المشروبات التي تحتوي على الكافيين.

النغزات أو الألم الذي شعرتِ به في منطقة الصدر ناتج من انقباضات عضلية، ويُعرف أن التوترات النفسية تؤدي إلى انقباضات عضلية، وأكثر العضلات التي تتأثر هي عضلات الصدر، لذا تمارين الاسترخاء، وممارسة الرياضة، والتفريغ النفسي من خلال التعبير عن الذات أمر مهم جدًّا وضروري جدًّا.

أنت ذكرتِ أنك لا تريدين تناول أدوية، وأنا غالبًا لا أصف مُهدِّئات، ولكن مضادات القلق تُفيد في مثل حالتك، شاوري نفسك، وإن اقتنعتِ بها، فهناك عقار مثل: الـ (ديانكسيت - Deanxit) بجرعة حبة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، أعتقد أنه سوف يساعدك كثيرًا.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك كثيرًا على التواصل مع استشارات إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً